الهارونية لهم قبل الخراب الثاني بدهر يذكرون أنها مبلغة ذلك من اولئك إلى عذراء الوراق الهاروني ففي صدرها قال الله تعالى اصنع بناء آدم كصورتنا كشبهنا .
قال أبو محمد Bه ول لم يقل إلا كصورتنا لكان له وجه حسن ومعنى صحيح وهو أن نضيف الصورة إلى الله تعالى إضافة الملك والخلق كما تقول هذا عمل الله وتقول للقرد والقبيح والحسن هذه صورة الله أي تصوير الله والصفة التي انفرد بملكها وخلقها لكن قوله كشبهنا منع التأويلات وسد المخارج وقطع السبل وأوجب شبه آدم لله D ولابد ضرورة وهذا يعلم بطلانه ببديهة العقل إذ الشبه والمثل معناهما واحد وحاشى لله أن يكون له مثل أو شبه .
فصل .
وبعد ذلك قال ونهر يخرج من عدن فيسقي الجنان ومن ثم يفترق فيصير أربعة أرؤس إسم أحدها النيل وهو محيط بجميع بلاد زويله الذي به الذهب وذهب ذلك البلد جيد وبها اللؤلؤ وحجارة البلور واسم الثاني جيحان وهو محيط بجميع بلاد الحبشة واسم الثالث الدجلة وهو السائر شرق الموصل واسم الرابع الفرات وأخذ الله آدم ووضعه في جنات عدن .
قال أبو محمد Bه في هذا الكلام من الكذب وجوه فاحشة قاطعة بأنها من توليد كذاب مستهزيء أول ذلك إخباره أن هذه الأربعة تفترق من النهر الذي يخرج من جنات عدن التي أسكن الله فيها آدم إذ خلقه ثم أخرجه منها إذ أكل من الشجرة التي نهاه الله تعالى عن أكلها وكل من له أدنى معرفة بالهيئة وبصفة الربع المعمور من الأرض الذي هو في سماك الأرض أو من مشي إلى مصر والشام والموصل يدري أن هذا كله كذب فاضح وأن مخرج النيل من عين الجنوب من خارج المعمور ومصبه قبالة تنيس وقبالة الإسكندرية في آخر أعمال مصر في البحر الشامي وأن مخرج الدجلة والفرات وجيحان من الشمال فأما جيحان فيخرج من بلاد الروم ويمر ما بين المصيصة وربضها المسمى كفرينا حتى يصب في البحر الشامي على أربعة أميال من المصيصة وأما دجلة فمخرجها من أعين بقرب خلاط من عمل أرمينية بقرب آمد من ديار بكر وتصب مياهها في البطائح المشهورة بقرب البصرة في أرض العراق متاخمة أرض العرب وأما الفرات فمخرجه من بلاد الروم على يوم من قالى قلا قرب أرمينية ثم يخرج إلى ملطية ثم يأخذ على أعمال الرقة إلى العراق وينقسم إلى قسمين كلاهما يقع في دجلة دجلة فهذه كذبة شنيعة كبيرة لا مخلص منها والله تعالى لا يكذب وأخرى وهي قوله أن النيل محيط ببلد زويلة وجيحان محيط ببلد الحبشة وهذه كذبة شنيعة فاحشة ما في جميع أرض السودان الحبشة وغير الحبشة نهر غير النيل أصلا ويتفرع سبعة فروع كلها مخرج واحد ثم يجتمع فوق بلاد النوبة وكذبة ثالثة وهي قوله أن ببلد زويلة اللؤلؤ الجيد وهذا كذب ما للؤلؤ بها مكان أصلا إنما