رؤية الكيفية في ذلك فقط بيان ذلك قوله تعالى له أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي فوضح أن إبراهيم لم يطلب ذلك برهانا على شك إزالة عن نفسه لكن ليرى الهيئة فقط وأما زكريا عليه السلام فإنما طلب آية تكون له عند الناس لئلا يكذبوه هذا نص كلامه والذي ذكروه عن إبراهيم عليه السلام كلام شاك يطلب برهانا يعرف به صحة وعد ربه له تعالى الله عن ذلك وحاشى لإبراهيم منه .
فصل .
وبعد ذلك قال وتجلى الله لإبراهيم عند بلوطات ممرا وهو جالس عند باب الخباء عند حمي النهار ورفع عينيه ونظر فإذا بثلاثة نفر وقوف أمامه فنظر وركض لإستقبالهم عند باب الخباء وسجد على الأرض وقال يا سيدي إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك ليؤخذ قليل من ماء واغسلوا أرجلكم واستندوا تحت الشجرة واقدم لكم كسرة من الخبز تشتد بها قلوبكم وبعد ذلك تمضون فمن أجل ذلك مررتم على عبدكم فقالوا اصنع كما قلت فأسرع إبراهيم إلى الخباء إلى سارة وقال لها اصنعي ثلاث صيعان من دقيق سميذ اعجنيه واصنعي خبز ملة وحضر إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلا رخصا سمنا ودفعه للغلام واستعجل بإصلاحه وأخذ سمنا ولبنا والعجل الذي صنعوه وقدم بين أيديهم وهو واقف عليهم تحت الشجرة وقال كلوا .
قال أبو محمد Bه في هذا الفصل آيات من البلاء شنيعة نعوذ بالله من قليل الضلال وكثيره فأول ذلك اخباره أن الله تعالى تجلى لإبراهيم وأنه رأى الثلاثة نفر فأسرع إليهم وسجد وخاطبهم بالعبودية فإن كان اولئك الثلاثة هم الله فهذا هو التثليث بعينه بلا كلفة بل هو أشد من التثليث لأنه إخبار بشخوص ثلاثة والنصارى يهربون من التشخيص وقد رأيت في بعض كتب النصارى الإحتجاج بهذه القضية في إثبات التثليث وهذا كما ترى في غاية الفضيحة فإن كان اولئك الثلاثة ملائكة وهكذا يقولون فعليهم في ذلك أيضا فضائح عظيمة وكذب فاحش من وجوه أولها من المحال والكذب أن يخبر بأن الله تعالى تجلى له وإنما تجلى له ثلاثة من الملائكة وثانيها أن يخاطب أولئك الملائكة بخطاب الواحد وهذا مما يزيد في ضلال النصارى في هذا الفصل وهذا أيضا محال في الخطاب وثالثها سجوده للملائكة فإن من الباطل أن يسجد رسول الله A وخليله لغير الله تعالى ولمخلوق مثله فهذه كذبة وإن قالوا بل الله سجد فهذه كذبة ولا بد أو يكون الله عندهم هم الثلاثة المتجلون لا بد من أحداها وعادت البلية أشد ما كانت ورابعها خطابة لهم بأنه عبدهم فإن كان المخاطب بذلك هو الله تعالى وهو المتجلى له فقد عادت البلية وإن كان المخاطبون بذلك الملائكة فحاشى لله أن يخاطب إبراهيم عليه السلام بالعبودية غير الله تعالى ومخوقا مثله مع أن المحال أن يخاطب ثلاثة بخطاب واحد وخامسها قوله يؤخذ قليل من ماء ويغسل أرجلكم وأقدم كسرة من الخبز تشتد بها قلوبكم فهذه الحالة لئن كان خاطب بهذا الخطاب الله تعالى فهي التي لا سوى لها ولا بقية بعدها والتي تملأ الفم وإن كان خاطب بذلك الملائكة فهذا أكذب لأن إبراهيم عليه السلام لا يجهل أن الملائكة لا تشتد قلوبهم بأكل كسر الخبز