لوط في كلام كثير أنت معاذ من أن تصنع هذا الأمر لا تقتل الصالح مع الطالح فأنت معاذ يا حاكم جميع العالم ولم ينكر الله تعالى عليه هذا القول وقال بعد ذلك أن الملكين قالا للوط أنظر من لك هنا من صهر بنيك وبناتك وكل مالك في القرية أخرجهم من هذا الموضع لأنا مهلكون هذا الموضع وقال بعد ذلك أن لوطا كلم أصحابه المتزوجين بناته وقال لهم اخرجوا من هذا الموضع فإن الله مهلكهم وأنه صار عندهم كاللاعب ثم قال بعد ذلك أن الملائكة أمسكوا بيد لوط وبيد زوجته وابنتيه لشفقة الله عليهم وأخرجوهم خارج القرية ثم ذكر هلاك القرية بكل ما فيها .
قال أبو محمد Bه لا تخلو أصهار لوط وبنوه وبناته الناكحات من أن يكونوا صالحين أو طالحين فإن كانوا صالحين فقد هلكوا مع الطالحين وبطل عقد الله تعالى مع إبراهيم في ذلك وحاشى لله من هذا وإن كانوا طالحين فكيف تأمر الملائكة بإخراج الطالحين وهم كانوا مبعوثين لهلاكهم فلا بد من الكذب في أحد الوجهين وبالجملة فأخبارهم معفونة جدا .
فصل .
وبعد ذلك قال وأقام لوط في المغارة هو وابنتاه فقالت الكبرى للصغرى أبونا شيخ وليس في الأرض أحد يأتينا كسبيل النساء تعالى نسقي أبانا الخمر ونضاجعه ونستبق منه نسلا فسقتا أباهما الخمر في تلك الليلة فأتت الكبرى فضاجعت أباها ولم يعلم بنومها ولا بقيامها فلما كان من الغد قالت الكبرى للصغرى قد ضاجعت أبي أمس تعالى نسقيه الخمر هذه الليلة وضاجعيه أنت ونستبقي من أبينا نسلا فسقتاه تلك الليلة خمرا وأتت الصغرى فضاجعته ولم يعلم بنومها ولا بقيامها وحملت ابنتا لوط من أبيهما فولدت الكبرى ابنا وسمته مواب وهو أبو الموابين إلى اليوم وولدت الصغرى ابنا سمته ابن عمى وهو أبو العمونيين إلى اليوم وفي السفر الخامس من التوراة بزعمهم أن موسى قال لبني إسرائيل إن الله تعالى قال لما انتهينا إلى صحراء بني مواب قال لي لا تحارب بني مواب ولا تقاتلهم فإني لم أجعل لكم فيما تحت أيديهم سهما لأني قد ورثت بني لوط ادوا وجعلتها مسكنا لهم ثم ذكر أن موسى قال لهم أن الله تعالى قال له أيضا أنت تخلف اليوم حوز بني مواب المدينة التي تدعى عاد وتنزل في حوز بني عمون فلا تحاربهم ولا تقاتل أحدا منهم فإني لم أجعل لكم تحت أيديهم سهما لأنهم من بني لوط وقد ورثتهم تلك الأرض .
قال أبو محمد Bه في هذه الفصول فضائح وسوآت تقشعر من سماعها جلود المؤمنين بالله تعالى العارفين حقوق الأنبياء عليهم السلام فأولها ما ذكر عن بنتي لوط عليه السلام من قولهما ليس أحد في الأرض يأتينا كسبيل النساء تعالى نسقي أبانا خمرا ونضاجعه ونستبق منه نسلا فهذا كلام أحمق في غاية الككذب والبرد أترى كان انقطع نسل ولد آدم حتى لم يبق في الأرض أحد يضاجعها إن هذا لعجب فكيف والموضع معروف إلى اليوم ليس بين تلك المغارة التي كان فيها لوط عليه السلام مع بنتيه وبين قرية سكنى إبراهيم عليه السلام إلا فرسخ واحد لا يزيد وهو ثلاثة أميال فقط فهذه سوءة والثانية اطلاق الكذب الواضع لهذه الخرافة لعنه الله هذه الطومة