17 - قوله تعالى : { فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم } قال مجاهد : سبب هذه الآية أنهم لما انصرفوا عن القتال كان الرجل يقول : أنا قتلت فلانا ويقول الآخر مثله فنزلت الآية ومعناه : فلم تقتلوهم أنتم بقوتكم ولكن الله قتلهم { بنصره } إياكم وتقويته لكم .
وقيل : لكن الله قتلهم بإمداد الملائكة .
{ وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } قال أهل التفسير و المغازي : [ ندب رسول الله A الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا قريش وفيهم أسلم غلام أسود لبني الحجاج وأبو يسار غلام لبني العاص بن سعيد فأتوا بهما رسول الله A فقال لهما : أين قريش ؟ قالا : هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى - والكثيب : العقنقل - فقال رسول الله A لهما : كم القوم ؟ قالا : كثير قال : ما عدتهم ؟ قالا : لا ندري قال : كم ينحرون كل يوم ؟ قالا : يوما عشرة ويوما تسعة قال رسول الله A : القوم ما بين التسعمائة إلى الألف ثم قال لهما : فمن فيهم من أشراف قريش ؟ قالا : عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري ابن هشام وحكيم بن حزام والحارث بن عامر وطعيمة بن عدي والنضر بن الحارث وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وسهيل بن عمرو فقال رسول الله A : هذه مكة قد ألقيت إليكم أفلاذ كبدها فلما أقبلت قريش ورآها رسول الله تصوب من العقنقل وهو الكثيب الذي جاؤوا منه إلى الوادي قال لهم : هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها { تحادك } وتكذب رسولك اللهم فنصرك الذي وعدتني فأتاه جبريل عليه السلام وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها فلما التقى الجمعان تناول رسول الله A كفا من حصى عليه تراب فرمى به في وجوه القوم وقال : شاهت الوجوه فلم يبق منهم مشرك إلا دخل في عينيه وفمه ومنخريه منها شيء فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ] .
وقال قتادة و ابن زيد : [ ذكر لنا أن رسول الله A أخذ يوم بدر ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم وبحصاة في ميسرة القوم وبحصاة بين أظهرهم وقال : شاهت الوجوه فانهزموا ] فذلك قوله تعالى : { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } إذ ليس في وسع أحد من البشر أن يرمي كفا من الحصا إلى وجوه جيش فلا يبقى فيهم عين إلا ويصيبها منه شيء .
وقيل : معنى الآية وما بلغت إذ رميت ولكن الله بلغ .
وقيل : وما رميت بالرعب في قلوبهم إذ رميت بالحصباء ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم حتى انهزموا { وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا } أي : ولينعم على المؤمنين نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة { إن الله سميع } لدعائكم { عليم } بنياتكم