74 - قوله تعالى : { يحلفون بالله ما قالوا } قال ابن عباس : [ كان رسول الله A جالسا في ظل حجرة فقال : إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاء فلا تكلموه فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق فدعاه رسول الله A فقال : علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا فأنزل الله D هذه الآية ] .
وقال الكلبي : نزلت في الجلاس بن سويد وذلك أن رسول الله A خطب ذات يوم بتبوك فذكر المنافقين وسماهم رجسا وعابهم فقال جلاس : لئن كان محمد صادقا لنحن شر حمير فسمعه عامر بن قيس : أجل إن محمد لصادق وأنتم شر من الحمير فلما انصرف رسول الله A إلى المدينة أتاه عامر بن قيس فأخبره بما قال الجلاس فقال الجلاس : كذب علي يا رسول الله وأمرهما رسول الله A أن يحلفا عند المنبر فقام الجلاس عند المنبر بعد العصر فحلف بالله الذى لا إله إلا هو ما قاله ولقد كذب علي عامر ثم قام عامر فحلف بالله الذى لا إله إلا هو لقد قاله وما كذبت عليه ثم رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم أنزل على نبيك تصديق الصادق منا فقال رسول الله A والمؤمنون : آمين فنزل جبريل عليه السلام قبل أن يتفرقا بهذه الآية حتى بلغ : { فإن يتوبوا يك خيرا لهم } فقام الجلاس فقال : يا رسول الله أسمع الله D قد عرض علي التوبة صدق عامر بن قيس فيما قاله لقد قلته وأنا أستغفر الله وأتوب إليه فقبل رسول الله ذلك منه وحسنت توبته .
قوله تعالى : { ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم } أي : أظهروا الكفر بعد إظهار الإيمان والإسلام قيل : هي سب النبي A وقيل : كلمة الكفر قول الجلاس : لئن كان محمد صادقا لنحن شر من الحمير وقيل : كلمة الكفر قولهم { لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل } ( المنافقين - 8 ) وستأتي تلك القصة في موضعها في سورة المنافقين { وهموا بما لم ينالوا } قال مجاهد : هم المنافقون بقتل المسلم الذي سمع قولهم : لنحن شر من الحمير لكي لا يفشيه .
وقيل : هم اثنا عشر رجلا من المنافقين وقفوا على العقبة في طريق تبوك ليفتكوا برسول الله صلى الله علي وسلم فجاء جبريل عليه السلام وأمره أن يرسل إليهم من يضرب وجوه رواحلهم فأرسل حذيفة لذلك .
وقال السدي : قالوا إذا قدمنا المدينة عقدنا على رأس عبد الله بن أبي تاجا فيم يصلوا إليه .
{ وما نقموا } وما كرهوا وما أنكروا منهم { إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله } وذلك أن مولى الجلاس قتل فأمر رسول الله A بديته اثني عشر ألف درهم فاستغنى وقال الكلبي : كانوا قبل قدوم النبي A في ضنك من العيش فلما قدم عليهم النبي A استغنوا بالغنائم .
{ فإن يتوبوا } من نفاقهم وكفرهم { يك خيرا لهم وإن يتولوا } يعرضوا عن الإيمان { يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا } بالخزي { والآخرة } أي : وفى الآخرة بالنار { وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير }