75 - قوله تعالى : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن } الآية أخبرنا أبو سعيد الشريحي حدثنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرنا أبو عبد الله بن حامد الأصفهاني حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم السمرقندي حدثنا محمد بن نصر حدثني أبو الأزهر أحمد بن الأزهر حدثنا مروان بن محمد بن شعيب حدثنا معان بن رفاعة عن علي بن زيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي قال : [ جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول الله A فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا فقال رسول الله A : ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ثم أتاه بعد ذلك فقال يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا فقال رسول الله A : أمالك في رسول الله أسوة حسنة ؟ والذي نفسي بيده لو أردت أن تسير الجبال معي ذهبا وفضة لسارت ثم أتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا فوالذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالا لأعطين كل ذي حق حقه فقال رسول الله A : اللهم ارزق ثعلبة مالا ] .
قال : فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل واديا من أوديتها وهى تنمو كالدود فكان يصلي مع النبي A الظهر والعصر ويصلي في غنمه سائر الصلوات ثم كثرت ونمت حتى تباعد بها عن المدينة فصار لا يشهد إلا الجمعة ثم كثرت فنمت فتباعد أيضا حتى كان لا يشهد جمعة ولا جماعة فكان إذا كان يوم الجمعة خرج يتلقى الناس يسألهم عن الأخبار فذكره A ذات يوم فقال : ما فعل ثعلبة ؟ قالوا : يا رسول الله اتخذ ثعلبة غنما ما يسعها واد فقال رسول الله A : يا ويح ثعلبة ياويح ثعلبة ياويح ثعلبة فأنزل الله آية الصدقات فبعث رسول الله A رجلا من بني سليم ورجلا من جهنية وكتب لهما أسنان الصدقة فكيف يأخذان وقال لهما : مرا بثعلبة بن حاطب وبفلان رجل من بني سليم فخذا صدقاتهما فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وقراه كتاب رسول الله A فقال : ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان إيله فعزلها للصدقة ثم استقبلها بها فلما رأوها قالوا : ما هذه عليك قال : خذاه فإن نفسي بذلك طيبة فمرا على الناس فأخذا الصدقات ثم رجعا إلى ثعلبة فقال : أروني كتابكما فقرأه ثم قال : ما هذه إلا أخت الجزية اذهبا حتى أرى رأيي .
قال : فأقبلا رآهما رسول الله A قبل أن يكلماه قال : يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة ثم دعا للسلمي بخير فأخبراه بالذي صنع ثعلبة فأنزل الله تعالى فيه : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن } الآية إلى قوله : { وبما كانوا يكذبون } وعند رسول الله A رجل من أقارب ثعلبة .
فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال ويحك يا ثعلبة لقد أنزل الله فيك كذا وكذا فخرج ثعلبة حتى أتى النبي A فسأله أن يقبل منه الصدقة فقال : إن الله D منعني أن أقبل منك صدقتك فجعل يحثو التراب على رأسه فقال رسول الله A : هذا عملك وقد أمرتك فلم تطعني فلما أبى رسول الله A أن يقبض صدقته رجع إلى منزله وقبض رسول الله A ثم أتى أبا بكر فقال : اقبل صدقتي فقال أبو بكر : لم يقبلها منك رسول الله A ثم أنا أقبلها ؟ فقبض أبو بكر ولم يقبلها فلما ولي عمر أتاه فقال : اقبل صدقتي فقال : لم يقبلها منك رسول الله ولا أبو بكر أنا أقبلها منك ؟ فلم يقبلها فلما ولي عثمان أتاه فلم يقبلها منه وهلك ثعلبة في خلافة عثمان .
قال ابن عباس و سعيد بن جبير و قتادة : أتى مجلسا من الأنصار فأشهدهم لئن آتاني الله من فضله آتيت منه كل ذي حق حقه وتصدقت منه ووصلت الرحم وأحسنت إلى القرابة فمات ابن عم له فورثه مالا فلم يف بما قال فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقال الحسن و مجاهد : نزلت في ثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وهما من بني عمرو بن عوف خرجا على ملأ قعود قالا : والله لئن رزقنا الله مالا لنصدقن فلما رزقهما الله D بخلا به فقوله D : { ومنهم } يعني : المنافقين { من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن } ولنؤدين حق الله منه { ولنكونن من الصالحين } نعمل بعمل أهل الصلاح فيه من صلة الرحم والنفقة في الخير