182 - قوله تعالى { فمن خاف } أي علم كقوله تعالى : { فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله } ( 229 - البقرة ) أي علمتم { من موص } قرأ حمزة و الكسائي و أبو بكر و يعقوب بفتح الواو وتشديد الصاد كقوله تعالى : { ما وصى به نوحا } ( 13 - الشورى ) { ووصينا الإنسان } ( 8 - العنكبوت ) وقرأ الآخرون بسكون الواو وتخفيف الصاد كقوله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم } ( 11 - النساء ) { من بعد وصية يوصي بها أو دين } ( 12 - النساء ) { جنفا } أي جورا وعدولا عن الحق والجنف : الميل { أو إثما } أي ظلما قال السدي و عكرمة و الربيع : الجنف الخطأ والإثم العمد { فأصلح بينهم فلا إثم عليه } واختلفوا في معنى الآية قال مجاهد : معناها أن الرجل إذا حضر مريضا وهو يوصي فرآه يميل إما بتقصير أو إسراف أو وضع الوصية في غير موضعها فلا حرج على من حضره أن يأمره بالعدل وينهاه عن الجنف فينظر للموصى وللورثة وقال آخرون : إنه أراد به أنه إذا أخطأ الميت في وصيته أو جار متعمدا فلا حرج على وليه أو وصيه أو والي أمور المسلمين أن يصلح بعد موته بين ورثته وبين الموصى لهم ويرد الوصية إلى العدل والحق فلا إثم عليه أي : فلا حرج عليه { إن الله غفور رحيم } وقال طاووس : جنفة توليجة وهو أن يوصي لبني بنيه يريد ابنه ولولد ابنته ولزوج ابنته يريد بذلك ابنته .
قال الكلبي : كان الأولياء والأوصياء يمضون وصية الميت بعد نزول قوله تعالى : { فمن بدله بعد ما سمعه } الآية وإن استغرق المال كله ولم يبق شيء ثم نسخها قوله تعالى : { فمن خاف من موص جنفا } الآية قال ابن زيد : فعجز الموصي أن يوصي للوالدين والأقربين كما أمر الله تعالى وعجز الموصي أن يصلح فانتزع الله تعالى ذلك منهم ففرض الفرائض .
روي عن أبي هريرة عن رسول الله A قال : [ إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار ] ثم قرأ أبو هريرة : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) إلى قوله ( غير مضار )