7 - { وأوحينا إلى أم موسى } وهو وحي إلهام لا وحي نبوة قال قتادة : قذفنا في قلبها وأم موسى يوخابذينت لاوى بن يعقوب { أن أرضعيه } واختلفوا في مدة الرضاع قيل ثمانية أشهر وقيل : أربعة أشهر وقيل : ثلاثة أشهر كانت ترضعه في حجرها وهو يبكي ولا يتحرك { فإذا خفت عليه } يعني : من الذبح { فألقيه في اليم } واليم : البحر وأراد هاهنا النيل { ولا تخافي } قيل : لا تخافي عليه من الغرق وقيل : من الضبعة { ولا تحزني } على فراقه { إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } روى عطاء عن الضحاك عن ابن عباس Bهما قال إن بني إسرائيل لما كثروا بمصر استطالوا على الناس وعملوا بالمعاصي ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر فسلط الله عليهم القبط فاستضعفوهم إلى أن أنجاهم الله على يدي نبيه .
وقال ابن عباس Bهما : إن أم موسى لما تقاربت ولادتها وكانت قابلة من القوابل التي وكلهن فرعون بحبالى بني إسرائيل مصافية لأم موسى فلما ضرب بها الطلق أرسلت إليها فقالت : قد نزل بي ما نزل فلينفعني حبك إياي اليوم قالت : فعالجت قبالتها فلما أن وقع موسى بالأرض هالها نور بين عيني موسى فارتعش كل مفصل منها ودخل حب موسى قلبها ثم قالت لها : يا هذا ما جئت إليك حين دعوتني إلا ومن رأبي قتل مولودك ولكن وجدت لابنك هذا حبا ما وجدت حب شيء مثل حبه فاحفظي ابنك فإني أراه هو عدونا فلما خرجت القابلة من عندها أبصرها بعض العيون فجاؤوا إلى بابها ليدخلوا على أم موسى فقالت أخته يا اماه هذا الحرس بالباب فلفت موسى في خرقة فوضعته في التنور وهو مسجور وطاش عقلها فلم تعقل ما تصنع قال : فدخلوا فإذا التنور مسجور ورأوا أم موسى لم يتغير لها لون ولم يظهر لها لبن فقالوا لها : ما أدخل عليك القابلة ؟ قالت : هي مصافية لي فدخلت علي زائرة فخرجوا من عندها فرجع إليها عقلها فقالت لأخت موسى : فأين الصبي ؟ قالت لا أدري فسمعت بكاء الصبي من التنور فانطلقت إليه وقد جعل الله سبحانه وتعالى النار عليه بردا وسلاما فاحتملته .
قال : ثم إن أم موسى لما رأت إلحاح فرعون في طلب الولدان خافت على ابنها فقذف الله في نفسها أن تتخذ له تابوتا ثم تقذف التابوت في اليم وهو النيل قانطلقت إلى رجل نجار من قوم فرعون فاشترت منه تابوتا صغيرا فقال لها النجار : ما تصتعين بهذا التابوت قالت : ابن لي أخبئه في التابوت وكرهت الكذب قال ولم تقل : أخشى عليه كيد فرعون فلما اشترت التابوت وحملته وانطلقت به انطلق النجار إلى الذباحين ليخبرهم بأمر أم موسى فلما هم بالكلام أمسك الله لسانه فلم يطق الكلام وجعل يشير بيده فلم يدر الأمناء ما يقول فلما أعياهم أمره قال كبيرهم : اضربوه فضربوه وأخرجوه فلما انتهى النجار إلى موضعه رد الله عليه لسانه فتكلم فانطلق أيضا يريد الأمناء فأتاهم ليخبرهم فأخذ الله لسانه وبصره فلم يطق الكلام ولم يبصر شيئا فضربوه وأخرجوه فوقع في واد يهوي فيه حيران فجعل لله عليه إن رد لسانه وبصره أن لا يدل عليه وأن يكون معه يحفظه حيث / ما كان فعرف الله منه الصدق فرد عليه لسانه وبصره فخر لله ساجدا فقال : يا رب دلني على هذا العبد الصالح فدله الله عليه فخرج من الوادي فآمن به وصدقه وعلم أن ذلك من الله D وقال وهب بن منبه : لما حملت أم موسى بموسى كتمت أمرها جميع الناس فلم يطلع على حبلها أحد من خلق الله وذلك شيء ستره الله لما أراد أن يمن به على بني إسرائيل فلما كانت السنة التي يولد فيها بعث فرعون القوابل وتقدم إليهن ففتشن النساء تفتيشا لم يفتشن قبل ذلك مثله وحملت أم موسى بموسى فلم ينتأ بطنها ولم يتغير لونها ولم يظهر لبنها وكانت القوابل لا تتعرض لها فلما كانت الليلة التي ولد فيها ولدته ولا رقيب عليها ولا قابلة ولم يطلع عليها أحد إلا أخته مريم فأوحى الله إليها : أن أرضعيه فإذا خفت عليه الآية فكتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرك فلما خافت عليه عملت تابوتا له مطبقا ثم ألقته في البحر ليلا .
قال ابن عباس وغيره : وكان لفرعون يومئذ بنت لم يكن لهولد غيرها وكانت من أكرم الناس عليه وكان لها كل يوم ثلاث حاجات ترفعها إلى فرعون وكان بها برص شديد وكان فرعون قد جمع لها أطباء مصر والسحرة فنظروا في أمرها فقالوا له : أيها الملك لا تبرأ إلا من قبل البحر يوجد فيه شبه الإنسان فيؤخذ من ريقه فيلطخ به برصها فتبرأ من ذلك وذلك في يوم كذا وساعة كذا حين تشرق الشمس فلما كان يوم الاثنين غدا فرعون إلى مجلس كان على شفير النيل ومعه امرأته آسية بنت مزاحم وأقبلت ابنة فرعون في جواريها حتى جلست على شاطىء النيل مع جواريها تلاعبهن وتنضح الماء على وجوههن إذ أقبل النيل بالتابوت تضربه الأمواج فقال فرعون : إن هذا لشيء في البحر قد تعلق بالشجرة ايتوني به فابتدروه بالسفن من كل جانب حتى وضعوه بين يديه فعالجوا فتح الباب فلم يقدروا عليه وعالجوا كسره فلم يقدروا عليه فدنت آسية فرأت في جوف التابوت نورا لم يره غيرها فعالجته ففتحت الباب فإذا هي بصبي صغير في مهده وإذا نور بن عينيه وقد جعل الله رزقه في إبهامه يمصه لبنا فألقى الله لموسى المحبة في قلب آسية وأحبه فرعون وعطف عليه وأقبلت بنت فرعون فلما أخرجوا الصبي من التابوت عمدت بنت فرعون إلى ما كان يسيل من ريقه فلطخت به برصها فبرأت فقبلته وضمته إلى صدرها فقال الغواة من قوم فرعون : أيها الملك إنا نظن أن ذلك المولود الذي تحذر منه بني إسرائيل هو هذا رمي به في البحر فرقا منك فاقتله فهم فرعون بقتله قالت آسية : قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكانت لا تلد فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها وقال فرعون أما أنا فلا حاجة لي فيه قال رسول الله A : [ لو قال فرعون يومئذ هو قرة عين لي كما هو لك لهداه الله كما هداها ] فقبل لآسية سميه فقالت : سميته موسى لأنا وجدناه في الماء والشجر فمو هو الماء وسى هو الشجر