51 - { ترجي } أي : تؤخر { من تشاء منهن وتؤوي } أي : تضم { إليك من تشاء } .
اختلف المفسرون في معنى الآية : فأشهر الأقاويل أنه في القسم بينهن وذلك أن التسوية بينهن في القسم كان واجبا عليه فلما نزلت هذه الآية سقط عنه وصار الاختيار إليه فيهن .
قال أبو رزين وابن زيد : نزلت هذه الآية حين غار بعض أمهات المؤمنين على النبي A وطلب بعضهن زيادة النفقة فهجرهن النبي A شهرا حتى نزلت آية التخيير فأمره الله D أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة وأن يخلي سبيل من اختارت الدنيا ويمسك من اختارت الله ورسوله والدار الآخرة على أنهن أمهات المؤمنين ولا ينكحن أبدا وعلى أنه يؤوي إليه من يشاء منهن ويرجي من يشاء فيرضين به قسم لهن أو لم يقسم أو قسم لبعضهن دون بعض أو فضل بعضهن في النفقة والقسمة فيكون الأمر في ذلك إليه فيفعل كيف يشاء وكان ذلك من خصائصه فرضين بذلك واخترنه على هذا الشرط .
واختلفوا في أنه هل أخرج أحدا منهن عن القسم ؟ فقال بعضهم : لم يخرج أحدا بل كان رسول الله A - مع ما جعله الله له من ذلك - يسوي بينهن في القسم إلا سودة فإنها رضيت بترك حقها من القسم وجعلت يومها عائشة .
وقيل : أخرج بعضهن .
روى جرير عن منصور عن أبي رزين قال : لما نزل التخيير أشفقن أن يطلقهن فقلن : يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ودعنا على حالنا فنزلت هذه الآية فأرجى رسول الله A بعضهن وآوى إليه بعضهن وكان ممن آوى إليه : عائشة وحفصة وزينب وأم سلمة فكان يقسم بينهن سواء وأرجى منهن خمسا : أم حبيبة وميمونة وسودة وصفية وجويرية فكان يقسم لهن ما شاء .
وقال مجاهد : ترجي من تشاء منهن يعني : تعزل من تشاء منهن بغير طلاق وترد إليك من تشاء بعد العزل بلا تجديد عقد .
وقال ابن عباس : تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء .
وقال الحسن : تترك نكاح من شئت وتنكح من شئت من نساء أمتك .
وقال : كان النبي A إذا خطب امرأة لم يكن لغيره خطبتها حتى يتركها رسول الله A .
وقيل : تقبل من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن لك فتؤويها إليك وتترك من تشاء فلا تقبلها .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا محمد بن سلام أخبرنا ابن فضيل أخبرنا هشام عن أبيه قال : كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي A فقالت عائشة : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل ؟ فلما نزلت : { ترجي من تشاء منهن } قلت : يا رسول الله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .
قوله D : { ومن ابتغيت ممن عزلت } أي : طلبت وأردت أن تؤوي إليك امرأة ممن عزلتهن عن القسم { فلا جناح عليك } لا إثم عليك فأباح الله له ترك القسم لهن حتى إنه ليؤخر من يشاء منهن في نوبتها ويطأ من يشاء منهن في غير نوبتها ويرد إلى فراشه من عزلها تفضيلا له على سائر الرجال { ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن } أي : التخيير الذي خيرتك في صحبتهن أقرب إلى رضاهن وأطيب لأنفسهن وأقل لحزنهن إذا علمنم أن ذلك من الله D { ويرضين بما آتيتهن } أعطيتهن { كلهن } من تقرير وإرجاء وعزل وإيواء { والله يعلم ما في قلوبكم } من أمر النساء والميل إلى بعضهن { وكان الله عليما حليما }