@ 276 @ أي : إلا قليلاً فآمنوا كعبد الله بن سلام ، وكعب الأحبار ، وغيرهما . أو هو راجع إلى المصدر المفهوم من قوله : فلا يؤمنون أي : إلا إيماناً قليلاً قلله إذ آمنوا بالتوحيد ، وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ) وبشرائعه . وقال الزمخشري : إلا إيماناً قليلاً أي : ضعيفاً ركيكاً لا يعبأ به ، وهو إيمانهم بمن خلقهم مع كفرهم بغيره . وأراد بالقلة العدم كقوله : قليل التشكي للهموم تصيبه . أي عديم التشكي . .
وقال ابن عطية : من عبر بالقلة عن الإيمان قال : هي عبارة عن عدمه ما حكى سيبويه من قولهم : أرض قلما تنبت كذا ، وهي لا تنبته جملة . وهذا الذي ذكره الزمخشري وابن عطية من أن التقليل يراد به العدم هو صحيح في نفسه ، لكن ليس هذا التركيب الاستثنائي من تراكيبه . فإذا قلت : لا أقوم إلا قليلاً ، لم يوضع هذا لانتقاء القيام ألبتة ، بل هذا يدل على انتفاء القيام منك إلا قليلاً فيوجد منك . وإذا قلت : قلما يقوم أحد إلا زيد ، وأقل رجل يقول ذلك احتمل هذا ، أن يراد به التقليل المقابل للتكثير ، واحتمل أن يراد به النفي المحض . وكأنك قلت : ما يقوم أحد إلا زيد ، وما رجل يقول ذلك . إمّا أن تنفى ثم توجب ويصير الإيجاب بعد النفي يدل على النفي ، فلا إذ تكون إلا وما بعدها على هذا التقدير ، جيء بها لغواً لا فائدة فيه ، إذ الانتفاء قد فهم من قولك : لا أقوم . فأيُّ فائدة في استثناء مثبت يراد به الانتفاء المفهوم من الجملة السابقة ، وأيضاً ، فإنه يؤدي إلى أنه يكون ما بعد إلا موافقاً لما قبلها في المعنى . وباب الاستثناء لا يكون فيه ما بعد إلا موافقاً لما قبلها ، وظاهر قوله : فلا يؤمنون إلا قليلاً ، إذا جعلناه عائداً إلى الإيمان ، إنّ الإيمان يتجزأ بالقلة والكثرة ، فيزيد وينقص ، والجواب : إن زيادته ونقصه هو بحسب قلة المتعلقات وكثرتها . .
وتضمنت هذه الآيات أنواعاً من الفصاحة والبلاغة والبديع . قالوا : التجوز بإطلاق الشيء على ما يقاربه في المعنى في قوله : إن الله لا يظلم ، أطلق الظلم على انتقاص الأجر من حيث أن نقصه عن الموعود به قريب في المعنى من الظلم . والتنبيه بما هو أدنى على ما هو أعلى في قوله : مثقال ذرة . والإبهام في قوله : يضاعفها ، إذ لم يبين فيه المضاعفة في الأجر . والسؤال عن المعلوم لتوبيخ السامع ، أو تقريره لنفسه في : فكيف إذا جئنا . والعدول من بناء إلى بناء لمعنى في : بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً . والتجنيس المماثل في : وجئنا وفي : وجئنا وفي : بشهيد وشهيداً . والتجنيس المغاير : في واسمع غير مسمع . والتجوز بإطلاق المحل على الحال فيه في : من الغائط . والكناية في : أو لامستم النساء . والتقديم والتأخير في : إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا إلى قوله : فتيمموا . والاستفهام المراد به التعجب في : ألم تر . والاستعارة في : يشترون الضلالة . والطباق في : هذا أي بالهدى ، والطباق الظاهر في : وعصينا وأطعنا . والتكرار في : وكفى بالله ولياً ، وكفى بالله ، وفي سمعنا وسمعنا . والحذف في عدة مواضع . .
( { يَاأَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَآ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً * إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُون