@ 312 @ فلا ينقص شيء من آجالكم وحذفه لدلالة ما قبله عليه . قيل له : لا يحذف الجواب إلا إذا كان فعل الشرط بصيغة الماضي ، وفعل الشرط هنا مضارع . تقول العرب : أنت ظالم إن فعلت ، ولا تقل أنت ظالم إن تفعل . وقرأ نعيم بن ميسرة : مشيدة بكسر الياء وصفاً لها بفعل فاعلها مجازاً ، كما قال : قصيدة شاعرة ، وإنما الشاعر ناظمها . .
{ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَاذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَقُولُواْ هَاذِهِ مِنْ عِندِكَ } قال ابن عباس : الضمير للمنافقين واليهود ، وقال الحسن : للمنافقين ، وقال السدي : لليهود . والظاهر أنه للمنافقين لأن مثل هذا لا يصدر من مؤمن ، واليهود لم يكونوا في طاعة الإسلام حتى يكتب عليهم القتال . وروي عن ابن عباس : أن الحسنة هنا هي السلامة والأمن ، والسيئة الأمراض والخوف . وعنه أيضاً : الحسنة الخصب والرخاء ، والسيئة الجدب والغلاء . وعنه أيضاً : الحسنة السراء ، والسيئة الضراء . وقال الحسن وابن زيد : الحسنة النعمة والفتح والغنيمة يوم بدر ، والسيئة البلية والشدة والقتل يوم أحد . وقيل : الحسنة الغنى ، والسيئة الفقر . والمعنى : أن هؤلاء المنافقين إذا أصابتهم حسنة نسبوها إلى الله تعالى ، وأنها ليست باتباع الرسول ، ولا الإيمان به ، وإنّ تصبهم سيئة أضافوها إلى الرسول وقالوا : هي بسببه ، كما جاء في قوم موسى : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ } وفي قوم صالح : { قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } . وروى جماعة من المفسرين أن النبي صلى الله عليه وسلم ) لما قدم المدينة قال اليهود والمنافقون : ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا مذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه . .
{ قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ اللَّهِ } أمر الله نبيه أن يخبرهم أنَّ كلاً من الحسنة والسيئة إنما هو من عند الله ، لا خالق ولا مخترع سوا ، فليس الأمر كما زعمتم ، فالله تعالى وحده هو النافع الضار ، وعن إرادته تصدر جميع الكائنات . .
{ فَمَالِ * هَؤُلاء * الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً } هذا استفهام معناه التعجب من هذه المقالة ، وكيف ينسب ما هو من عند الله لغير الله ؟ أي أن هؤلاء كانوا ينبغي لهم أن يكونوا ممن يتفهم الأشياء ، ويتوقفون عما يريدون أن يقولوا حتى يعرضوه على عقولهم . وبالغ تعالى في قلة فهمهم وتعلقهم ، حتى نفى مقاربه الفقه ، ونفى المقاربة أبلغ من نفي الفعل . وهذا النوع من الاستفهام يتضمن إنكار ما استفهم عن علته ، وأنه ينبغي أن يوجد مقابله . فإذا قيل : ما لك قائماً ، فهو إنكار للقيام ، ومتضمن أن يوجد مقابله . وإذا قيل : ما لك لا تقوم ، فهو إنكار لترك القيام ، ومتضمن أن يوجد مقابله . قيل في قوله : حديثاً ، أي القرآن لو تدبروه لبصرهم في الدين ، وأورثهم اليقين . وقال ابن بحر : لامهم على ترك التفقه فيما أعلمهم به وأدبهم في كتابه . ووقف أبو عمرو والكسائي على قوله : فما ، ووقف الباقون على اللام في قوله : فمال ، اتباعاً للخط . ولا ينبغي تعمد ذلك ، لأن الوقف على فما فيه قطع عن الخبر ، وعلى اللام فيه قطع عن المجرور دون حرف الجر ، وإنما يكون ذلك لضرورة انقطاع النفس . .
( { مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً } ) $ > 7 ! .
{ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } الخطاب عام كأنه قيل : ما أصابك يا إنسان . وقيل : للرسول صلى الله عليه وسلم ) ، والمراد غيره . وقال ابن بحر : هو خطاب للفريق في قوله : { إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ } قال : ولما كان لفظ الفريق مفرداً ، صح أن يخبر عنه بلفظ الواحد تارة ، وبلفظ الجمع تارة . وعليه قوله : % ( تفرق أهلاً نابثين فمنهم % .
فريق أقام واستقل فريق .
) %