@ 499 @ علام ينزل من الحكم ، فأشار إلى حلقه بمعنى أنه الذبح . وقال الشعبي : نزلت في قوم من اليهود قتل واحد منهم آخر ، فكلفوا رجلاً من المسلمين أن يسأل الرسول قالوا : فإنْ أفتى بالدية قبلنا ، وإن أفتى بالقتل لم نقبل . وهذا نحو من قول قتادة في النضير وقريظة . .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما بين أحكام الحرابة والسرقة ، وكان في ذكر المحاربين أنهم يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ، أمره تعالى أن لا يحزن ولا يهتم بأمر المنافقين ، وأمر اليهود من تعنتهم وتربصهم به وبمن معه الدوائر ونصبهم له حبائل المكروه ، وما يحدث لهم من الفساد في الأرض . ونصب المحاربة لله ولرسوله وغير ذلك من الرذائل الصادرة عنهم . ونداؤه تعالى له : يا أيها الرسول هنا ، وفي { يَعْمَلُونَ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلّغْ } ويا أيها النبي في مواضع تشريف وتعظيم وتفخيم لقدره ، ونادى غيره من الأنبياء باسمه فقال : { أَجْمَعِينَ وَيَئَادَمُ اسْكُنْ } و { قِيلَ يانُوحُ اهْبِطْ } { أَن ياإِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا } { قَالَ يامُوسَى إِنْى اصْطَفَيْتُكَ } { * يا عيسى إني متوفيتك } { وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } . وقال مجاهد وعبد الله بن كثير : من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، هم اليهود المنافقون ، وسماعون للكذب هم اليهود . والمعنى على هذا : لا تهتم بمسارعة المنافقين في الكفر واليهود بإظهار ما يلوح لهم من آثار الكفر وهو كيدهم للإسلام وأهله ، فإنّ ناصرك عليهم ويقال : أسرع فيه السبب ، وأسرع فيه الفساد ، إذا وقع فيه سريعاً . ومسارعتهم في الكفر وقوعهم وتهافتهم فيه . أسرع شيء إذا وجدوا فرصة لم يخطئوها ، وتكون من الأولى والثانية على هذا تنبيهاً وتقسيماً للذين يسارعون في الكفر ، ويكون سماعون خبر مبتدأ محذوف أي : هم سماعون ، والضمير عائد على المنافقين وعلى اليهود . ويدل على هذا المعنى قراءة الضحاك : سماعين ، وانتصابه على الذم نحو قوله : % ( أقارع عوف لا أحاول غيرها % .
وجوه قرود تبتغي من تخادع .
) % .
ويجوز أن يكون : { وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ } استئنافاً ، وسماعون مبتدأ وهم اليهود ، وبأفواههم متعلق بقالوا لا بآمنا والمعنى : أنهم لم يجاوز قولهم أفواههم ، إنما نطقوا بالإيمان خاصة دون اعتقاد . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون المعنى : لا يحزنك المسارعون في الكفر من اليهود ، وصفهم بأنهم قالوا : آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم إلزاماً منهم ذلك من حيث حرفوا توراتهم وبدلوا أحكامها ، فهم يقولون بأفواههم : نحن مؤمنون بالتوراة وبموسى ، وقلوبهم غير مؤمنة من حيث بدلوا وجحدوا ما فيها من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ) وغير ذلك مما ينكرونه . ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى بعد هذا { وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ } ويجيء على هذا التأويل قوله : من الذين قالوا كأنه قال : ومنهم ، ولكنْ صرّح بذكر اليهود من حيث الطائفة السماعة غير الطائفة التي تبدّل التوراة على علم منها انتهى . وهو احتمال بعيد متكلف ، وسماعون من صفات المبالغة ، ولا يراد به حقيقة السماع إلا إن كان للكذب مفعولاً من أجله ، ويكون المعنى : إنهم سماعون منك أقوالك من أجل أن يكذبوا عليك ، وينقلون حديثك ، ويزيدون مع الكلمة أضعافها كذباً . وإن كان للكذب مفعولاً به لقوله : سماعون ، وعدى باللام على سبيل التقوية للعامل ، فمعنى السماع هنا قبولهم ما يفتريه أحبارهم ويختلقونه من الكذب على الله وتحريف كتابه من قولهم : الملك يسمع كلام فلان ، ومنه ( سمع الله لمن حمده ) وتقدم ذكر الخلاف في قراءة يحزنك ثلاثياً ورباعياً . وقرأ السلمي : يسرعون بغير ألف من أسرع . وقرأ الحسن وعيسى بن عمر : للكذب بكسر الكاف وسكون الذال . وقرأ زيد بن عليّ : الكذب بضم