@ 212 @َ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } أكد ذلك بقوله { مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لّمَن يَخْشَى } والتذكرة هي البشارة والنذارة ، وإن ما ادعاه المشركون من إنزاله للشقاء ليس كذلك بل إنما نزل تذكرة ، والظاهر أن طه من الحروف المقطعة نحو : يس وألر وما أشبههما ، وتقدم الكلام على ذلك في أول البقرة . وعن ابن عباس والحسن وابن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة : معنى { طه } يا رجل . فقيل بالنبطية . وقيل بالحبشية . وقيل بالعبرانية . وقيل لغة يمنية في عك . وقيل في عكل . وقال الكلبي : لو قلت في عك يا رجل لم يجب حتى تقول { طه } . وقال السدّي معنى { طه } يا فلان . وأنشد الطبري في معنى يا رجل في لغة عك قول شاعرهم : % ( دعوت بطه في القتال فلم يجب % .
فخفت عليه أن يكون موائلاً وقول الآخر .
إن السفاهة طه من خلائقكملا بارك الله في القوم الملاعين وقيل هو اسم من أسماء الرسول . وقيل : من أسماء الله . وقال الزمخشري : ولعل عكاً تصرفوا في يا هذا كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء فقالوا في يا طأ واختصروا هذا فاقتصروا على ها ، وأثر الصنعة ظاهر لا يخفي في البيت المستشهد به . .
.
) % .
إن السفاهة طه في خلائقكم .
لا قدس الله أخلاق الملاعين .
) % .
انتهى . وكان قد قدم أنه يقال إن طاها في لغة عك في معنى يا رجل ، ثم تخرص وحزر على عك بما لا يقوله نحوي هو أنهم قلبوا الياء طاء وهذا لا يوجد في لسان العرب قلب يا التي للنداء طاء ، وكذلك حذف اسم الإشارة في النداء وإقرارها التي للتنبيه . وقيل : طا فعل أمر وأصله طأ ، فخففت الهمزة بإبدالها ألفاً وها مفعول وهو ضمير الأرض ، أي طأ الأرض بقدميك ولا تراوح إذ كان يراوح حتى تورمت قدماه . وقرأت فرقة منهم الحسن وعكرمة وأبو حنيفة وورش في اختياره { طه } . قيل : وأصله طأ فحذفت الهمزة بناء على قلبها في يطأ على حد لا هناك المرتع بُني الأمر عليه وأدخلت هاء السكت وأجري الوصل مجرى الوقف ، أو أصله طأ وأبدلت همزته هاء فقيل { طه } . وقرأ الضحاك وعمرو بن فائد : طاوي . .
وقرأ طلحة ما نزل عليك بنون مضمومة وزاي مكسورة مشددة مبنياً للمفعول { الْقُرْءانَ } بالرفع . وقرأ الجمهور { مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ } ومعنى { لِتَشْقَى } لتتعب بفرط تأسفك عليهم وعلى كفرهم وتحسرك على أن يؤمنوا كقوله { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ } والشقاء يجيء في معنى التعب ومنه المثل : أتعب من رائض مهر . وأشقى من رائض مهر . قال الزمخشري : أي ما عليك إلاّ أن تبلغ وتذكر ولم يكتب عليك أن يؤمنوا لا محالة بعد أن لم تفرط في أداء الرسالة والموعطة الحسنة انتهى . وقيل : أريد رد ما قاله أبو جهل وغيره مما تقدم ذكره في سبب النزول . و { لِتَشْقَى } و { تَذْكِرَةٌ } علة لقوله { مَا أَنَزَلْنَا } وتعدى في { لِتَشْقَى } باللام لاختلاف الفاعل إذ ضمير { مَا أَنَزَلْنَا } هو لله ، وضمير { لِتَشْقَى } للرسول صلى الله عليه وسلم ) ، ولما اتحد الفاعل في { أَنزَلْنَا } و { تَذْكِرَةٌ } إذ هو مصدر ذكر ، والمذكر هو الله وهو المنزل تعدى إليه الفعل فنصب على أن في اشتراط اتحاد الفاعل خلافا