اما قوله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار فيحتمل أنه اراد به الإدراك الذى يتبادر إلى الأفهام ويغلب على الأوهام من الإحاطة بالغايات والتحديد بالنهايات دفعا لوهم من يتوهم أنه يرى لصورة أو شكل مخصوص ويحتمل أنه أراد بذلك في دار الدينا ويكون المراد من ذلك اللفظ العام المعنى الخاص كما في قوله الله خالق كل شئ وقوله ما تذر من شئ أتت عليه الا جعلته كالرميم إلى غير ذلك من الآيات والظواهر السمعيات وأما وجه التمدح فليس إلا في قوله يدرك الأبصار لا في قوله لا تدركه الأبصار ولا يمكن حمله على كلا القسمين فان بعض الموجودات عند الخصم لا يدرك بالأبصار وليست ممدوحة بذلك وامتداحه لنفسه فيما وقع به الاشتراك بينه وبين ما ليس بممدوح محال كما إذا قال أنا موجود أو ذات كيف لا وإن الخصم لا يمكنه التمسك بهذه الآية فان ما ثبت للبارى تعالى يجب أن يكون نفس ما نفى عن غيره وما ثبت للبارى عند الخصم ليس إلا نفس العلم بالأبصار لا أمرا زائدا عليه فالمنفى عن الأبصار يجب أن يكون نفس العلم وليس ذلك حجة في نفى الإدراك الذى هو زائد على العلم