الموصوف ولا فوات كمال له وبالجملة لا يوجب له نقصا فلا محالة أن اتصافه بوجود ذلك الوصف له أولى من اتصافه بعدمه لضرورة كون العدم في نفسه مشروفا بالنسبة إلى مقابله من الوجود والوجود أشرف منه وما أتصف بأشرف الأمرين من غير أن يوجب له في ذاته نقصا تكون نسبة الوجود إليه فيما يرجع إلى النقص والكمال على نحو نسبة مقابله من العدم ولا محالة أن كانت نسبته إلى وجود ذلك الوصف أشرف منه بالنسبة إلى عدمه ولا جائز أن يقال إنها موجبة لكماله والا لوجب قدمها لضرورة ان لا يكون البارى ناقص محتاجا إلى ناحية كمال في حال عدمها فبقى أن يكون اتصافه بها مما يوجب القول بنقصه بالنسبة إلى حاله قبل ان يتصف بها وبالنسبة إلى ما لم يتصف بها من الموجودات ومحال أن يكون الخالق مشروفا أو ناقصا بالنسبة إلى المخلوق ولا من جهة ما كما مضى .
فإن قيل لو لم يكن قابلا للحوادث فعند وجود المسموعات والمبصرات إما أن يسمعها ويبصرها أو ليس لا جائز أن يقال إنه لا يسمعها ولا يبصرها إذ هو خلاف المذهبين وإن أبصرها وسمعها فلا محالة أن حصول ذلك له بعد ما لم يكن والا كانت المسموعات والمبصرات قديمة لا محالة فلو لم يكن قابلا للحوادث حتى يخلق في ذاته سمعا وبصرا يكون به الإدراك والا لما كان مدركا وهو محال .
قلنا دعوى إدراكه المدركات بعد ما لم يكن مدركا إما أن يراد به أنه لم يكن له إدراك فصار له إدراك أو يقال بقدم الإدراك وتجدد تعلقه بالمدرك فإن قيل بالأول فهو محز الخلاف وموضع الاعتساف فما بال الخصم مسترسلا بالدعوى من غير دليل مع