القاعدة الثالثة .
في حدوث المخلوقات وقطع تسلسل الكائنات .
وقد اضطربت فيه الآراء واختلف فيه الأهواء .
فذهبت طوائف من الإلهيين كالرواقيين والمشائيين ومن تابعهم من فلاسفة الإسلاميين إلى القول بوجوب ما وجب عن الواجب بذاته مع وجوده وإن قيل له حادث فليس إلا بمعنى أن وجوب وجوده لغيره وأن له مبدأ يستند إليه ويتقدم عليه تقدما بالذات على نحو تقدم العلل والمعلولات لا بمعنى أن حدوثه من عدم بل هو أزلى أبدى لم يزل ولا يزال وكذلك حكم ما وجب عما وجب وجوده بالواجب بذاته وهلم جرا على ما ذكرناه من تفصيل مذاهبهم وإيضاح قواعدهم فيما لا يقبل الفساد كالأجرام الفلكية ونفوسها والعقول التى هى مبادئ لها فهى قديمة أزلية لم تزل ولا تزال .
وما هو قابل للاستحالة كالحركات وامتزاجات أو الفساد كالصور الجوهرية للعناصر والمركبات فهى وإن كان كل واحد منها حادثا لكنه لا أول لها ينتهى إليه بل هى لا تتناهى مدة ولا عدة وما من كائن فاسد إلا وقبله كائن آخر إلى مال يتناهى ولم يوجبوا التناهى على أصلهم إلا فما له ترتيب وضعى كالامتدادات أو ترتيب طبيعى وآحاده موجوده معا كالعلل والمعلولات وأما ما سواه فالحكم بأن