عند بلوغ وقت الالتذاذ لا يجد لفواته ألما ولا يحس من نفسه لذلك أثرا هذا حكم معاد الأنفس .
وأما الأبدان فإنهم قضوا باستحالة إعادتها وزعموا أن ذلك مما يفضى إلى القول بوجود أبعاد وامتدادات لا تتناهى لضرورة وجود أجسام لا تتناهى وبنوا على ذلك فاسد أصلهم في القول بالقدم واستحالة سبق ما تجدد من الأبدان بالعدم وما ورد به السمع من حشرها وأحكام معادها فإنما كان ذلك لأجل الترغيب والترهيب بم يفهمونه ويعقلونه لأجل صلاح نظامهم وإلا فلا بد من تأويل على نحو تأويل أخبار الصفات وما ورد فيها من الآيات جمعا بين قضيات العقول وما ورد به الشرع المنقول .
وأما التناسخية .
فإنهم وافقوا الفلاسفة في القول بوجوب بقاء الأنفس بعد مفارقة الأبدان لكنهم زعموا أنه لا قوام لها بعد مفارقة بدنها إلا ببدن آخر كما أنه لا وجود لها قبل البدن فالأبدان تتناسخها أبدا سرمدا وعلى حسب عملها يكون ما تنتقل إليه فإنها إن عملت على مقتضى جوهر النفس الناطقة انتقلت إلى بدن نبى أو ولى وإن عملت على مقتضى جوهر النفس الحيوانية انتقلت إلى بدن حيوان آخر من فرس أو حمار أو غيره وهكذا لا تزال في الانتقال والارتفاع والانخفاض وليس ثم حشر ولا معاد ولا جنة ولا نار ولا غير ذلك مما ورد به الرسول