ثم ألف الصحف والأجلاد في معرفة المحدثين وأسمائهم وأنسابهم وقدر أعمارهم وذكر أعصارهم وشمائلهم وأخبارهم وفصل بين الرديء والجيد والصحيح والسقيم حنقا لله ورسوله وغيرة على الإسلام والسنة .
ثم استعمل آثاره كلها حتى فيما عدا العبادات من أكله وطعامه وشرابه ونومه ويقظته وقيامه وقعوده ودخوله وخروجه وجميع سيرته وسننه حتى في خطراته ولحظاته .
ثم دعا الناس إلى ذلك وحثهم عليه وندبهم إلى استعماله وحبب إليهم ذلك بكل ما يمكنه حتى في بذل ماله ونفسه .
كمن أفنى عمره في اتباع أهوائه وآرائه وخواطره وهواجسه ثم تراه يرد ما هو أوضح من الصبح من سنن رسول الله وأشهر من الشمس برأي دخيل واستحسان ذميم وظن فاسد ونظر مشوب بالهوى .
فانظر وفقك الله للحق أي الفريقين أحق بأن ينسب إلى اتباع السنة واستعمال الأثر الفرقة الأولى أم الثانية .
فإذا قضيت بين هذين بوافر لبك وصحيح نظرك وثاقب فهمك فليكن شكرك لله على حسب ما أراك من الحق ووفقك للصواب وألهمك من السداد واختصك به من إصابة الحسن في القول والعمل .
فإذا كنت كذلك فقد ازددت يقينا على يقين وثلجا على ثلج وإصابة على إصابة ومن الله التأييد والتسديد والإلهام والإعلام وهو حسب أهل السنة وعليه توكلهم ومنه معونتهم وتوفيقهم ونصرتهم بمنه وفضله وعميم كرمه وطوله