143 - { ولما جاء موسى لميقاتنا } لوقتنا الذي وقتناه واللام للاختصاص أي اختص مجيئه لميقاتنا { وكلمه ربه } من غير وسيط كما يكلم الملائكة وفيما روي : أن موسى E كان يسمع ذلك الكلام من كل جهة تنبيه على أن سماع كلامه القديم ليس من جنس كلام المحدثين { قال رب أرني أنظر إليك } أرني نفسك بأن تمكنني من رؤيتك أو تتجلى لي فأنظر إليك وأراك وهو دليل على أن رؤيته تعالى جائزة في الجملة لأن طلب المستحيل من الأنبياء محال وخصوصا ما يقتضي الجهل بالله ولذلك رده بقوله تعالى : { لن تراني } دون لن أرى أو لن أريك أو لن تنظر إلي تنبيها على أنه قاصر عن رؤيته لتوقفها على معد في الرائي لم يوجد فيه بعد وجعل السؤال لتبكيت قومه الذين قالوا : { أرنا الله جهرة } خطأ إذ لو كانت الرؤية ممتنعة لوجب أن يجهلهم ويزيح شبهتهم كما فعل بهم حين قالوا : { اجعل لنا إلها } ولا يتبع سبيلهم كما قال لأخيه { ولا تتبع سبيل المفسدين } والاستدلال بالجواب على استحالتها أشد خطأ إذ لا يدل الإخبار عن عدم رؤيته إياه على أن لا يراه أبدا وأن لا يراه غيره أصلا فضلا عن أن يدل على استحالتها ودعوى الضرورة فيه مكابرة أو جهالة بحقيقة الرؤية { قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني } استدراك يريد أن يبين به أنه لا يطيقه وفي تعليق الرؤية بالاستقرار أيضا دليل على الجواز ضرورة أن المعلق على الممكن ممكن والجبل قيل هو جبل زبير { فلما تجلى ربه للجبل } ظهر له عظمته وتصدى له اقتداره وأمره وقيل أعطى له حياة ورؤية حتى رآه { جعله دكا } مدكوكا مفتتا والدك والق أخوان كالشك والشق وقرأ حمزة و الكسائي ( دكاء ) أي أرضا مستوية ومنه ناقة دكاء التي لا سنام لها وقرئ { دكا } أي قطعا جمع دكاء { وخر موسى صعقا } مغشيا عليه من هول ما رأى { فلما أفاق قال } تعظيما لما رأى { سبحانك تبت إليك } من الجراءة والإقدام على السؤال من غير إذن { وأنا أول المؤمنين } مر تفسيره وقيل معناه أنا أول من آمن بأنك لا ترى في الدنيا