باب كيف نزل عليه A الوحي ؟ .
حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يونس بن حبيب الأصبهاني قال : حدثنا أبو داود - يعني الطيالسي - قال : حدثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة عن عائشة Bها قالت : أول ما بدىء به رسول الله A الوحي : الرؤيا الصادقة قالت : وحبب إلى رسول الله A الخلاء فكان يمكث الأيام في غار حراء يتعبد حتى جاءه الوحي .
حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا محمد بن سهل بن عسكر و محمد بن عبد الملك بن زنجويه و الحسن بن أبي الربيع و أحمد بن منصور - واللفظ لابن عسكر - قالوا : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري قال : حدثني عروة بن الزبير عن عائشة Bها قالت : أول ما بدىء به رسول الله A من الوحي : الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجأه الوحي وهو في غار حراء وجاءه الملك فيه فقال : اقرأ فقال رسول الله A : إني لست بقارىء فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارىء فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } حتى بلغ { علم الإنسان ما لم يعلم } فرجع يرجف فؤاده حتى دخل على خديجة فقال : زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال : يا خديجة ما لي ؟ وأخبرها الخبر فقال : قد خشيت على نفسي قالت : كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق .
[ حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن يحيى بن فارس و خشيش بن أصرم قالا : حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله Bهما قال : سمعت رسول الله A يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه : فبينما أنا أمشي فسمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي فإذا أنا بالملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجأثت منه رعبا فرجعت فقلت : زملوني زملوني دثروني دثروني فأنزل الله تعالى : { يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر } وهي الأوثان قبل أن تفرض الصلاة ] .
[ حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عباد قال : حدثنا بكر بن سليمان عن محمد بن إسحاق قال : حدثني وهب بن كيسان - مولى الزبير - قال : سمعت عبد الله بن الزبير يقول لعبيد بن عمير : حدثنا يا عبيد كيف كان بدو ما ابتدىء به رسول الله A من النبوة حين جاءه جبريل عليه السلام فذكر بدو ذلك قال : فقال رسول الله A : فخرجت حتى إذا كنت في وسط الجبل فسمعت صوتا من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فرفعت رأسي إلى السماء لأنظر فإذا جبريل في صورة رجل - صاف قدميه في أفق السماء - يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فوقفت أنظر إليه فما أتقدم ولا أتأخر وجعلت أصرف وجهي في آفاق السماء ولا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت كذلك واقفا حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك ثم انصرف عني وانصرفت إلى أهلي حتى أتيت خديجة فقالت لي : أين كنت ؟ فقلت : إن الأبعد لشاعر أو مجنون فقالت : أعيذك بالله من ذلك وماذا يا ابن عم ؟ لعلك رأيت شيئا ؟ فقلت : نعم ثم حدثتها بالحديث فقالت : أبشر يا ابن عم فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ] .
وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو أمية عبد الله بن محمد بن خلاد قال : حدثنا يعقوب بن محمد قال : حدثنا عبد الله بن يحيى بن عروة عن هشام عن أبيه عن عائشة Bها قالت : قال ورقة - لما ذكرت له خديجة Bها - أنه ذكر لها جبريل عليه السلام فقال : سبوح سبوح وما لجبريل يذكر في هذه الأرض التي تعبد فيها الأوثان ؟ .
جبريل أمين الله D بينه وبين رسله ؟ اذهبي به إلى المكان الذي رأى فيه ما رأى فإذا رآه فتحسري فإن يك من عند الله D لا يراه ففعلت قالت : فلما تحسرت تغيب جبريل عليه السلام فلم يره فرجعت وأخبرت ورقة فقال : إنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي لا تعلمه بنو إسرائيل أبناءهم إلا بثمن ثم أقام ورقة ينتظر إظهار الدعوة وقال في ذلك : .
( لججت وكنت في الذكرى لجوجا ... لهم طالما بعث النسيجا ) .
( ووصف من خديجة بعد وصف ... فقد طال انتظاري يا خديجا ) .
( ببطن المكتين على رجائي ... حديثك لو أرى منه خروجا ) .
( [ بما خبرتنا من قول قس ... من الرهبان أكره أن يعوجا ] ) .
( بأن محمدا سيسود يوما ... ويخصم من يكون له حجيجا ) .
( يظهر في البلاد ضياء نور ... تقام به البرية أن تعوجا ) .
( [ فيلقى من يحاربه خسارا ... ويلقى من يسالمه فلوجا ] ) .
( فيا ليتي إذا ما كان ذاكم ... شهدت فكنت أولهم ولوجا ) .
( ولو جافى الذي كرهت قريش ... ولوعجت بمكتها عجيجا ) .
( [ أرجي بالذي كرهوا جميعا ... إلى ذي العرش إن سفلوا عروجا ) .
( وهل أمر السفالة غير كفر ... بمن يختار من سمك البروجا ) .
( فإن يبقوا وأبق تكن أمور ... يضج الكافرون لها ضجيجا ) .
( وإن أهلك فكل فتى سيلقى ... من الأقدار متلفة حروجا ] ) .
[ وحدثنا أبو علي الحسن بن زكريا السكري قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال : حدثنا يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن أبيه عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله A قال لخديجة : إني إذا خلوت سمعت نداء وقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا فقالت : معاذ الله ما كان الله D ليفعل بك ذلك فوالله إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث فلما دخل أبو بكر Bه - وليس رسول الله A ثم - ذكرت خديجة حديثه له وقالت : يا عتيق اذهب مع محمد إلى ورقة فلما دخل رسول الله A أخذ أبو بكر Bه بيده فقال : انطلق بنا إلى ورقة فقال : ومن أخبرك ؟ قال : خديجة فانطلقا إليه فقصا عليه فقال : إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي : يا محمد فانطلق هاربا في الأرض فقال له : لا تفعل إذا أتاك فثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني فلما جاء ناداه : يا محمد قل : { بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين } - حتى بلغ - { ولا الضالين } قل : لا إله إلا الله فأتى ورقة فذكر ذلك له فقال ورقة : أبشر ثم أبشر فأنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم وأنك على مثل ناموس موسى وأنك لنبي مرسل وأنك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا ولئن أدركني ذلك لأجاهدن معك فلما توفي ورقة قال رسول الله A : لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني - يعني ورقة - ] .
حدثنا أبو علي قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا يونس عن محمد بن إسحاق قال : وقد قال ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي فيما كانت خديجة ذكرت له من أمر رسول A : .
( فإن يك حقا يا خديجة فاعلمي ... حديثك إيانا فأحمد مرسل ) .
( وجبريل يأتيه وميكال معهما ... من الله وحي يشرح الصدر منزل ) .
( يفوز به من كان فيها بتوبة ... ويشقى به العاتي الغوي المضلل ) .
( فريقان : منهم فرقة في جنانه ... وأخرى بألوان الجحيم تغلل ) .
( إذا ما دعوا بالويل فيها تتابعت ... مقامع في هاماتهم ثم من عل ) .
( فسبحان من تهوي الرياح بأمره ... ومن هو في الأيام ما شاء يفعل ) .
( ومن عرشه فوق السموات كلها ... وأقضاوه في خلقه لا تبدل ) .
وقال ورقة بن نوفل في ذلك أيضا : .
( يا للرجال لصرف الدهر والقدر ... وما لشيء قضاه الله من غير ) .
( جاءت خديجة تدعوني لأخبرها ... وما لها بخفي الغيب من خبر ) .
( جاءت لتسألني عنه لأخبرها ... أمرا أراه سيأتي الناس من أخر ) .
( فخبرتني بأمر قد سمعت به ... فيما مضى من قديم الدهر والعصر ) .
( بأن أحمد يأتيه فيخبره ... جبريل : أنك مبعوث إلى البشر ) .
( فقلت : عل الذي ترجين مخبره ... لك الإله فرجي الخير وانتظري ) .
( وأرسليه إلينا كي نسائله ... عن أمره وما يرى في النوم والسهر ؟ ) .
( فقال حين أتانا : منطقا عجبا ... يقف منه أعالي الجلد والشعر ) .
( إني رأيت أمين الله واجهني ... في صورة أكملت في أهيب الصور ) .
( ثم استمر فكاد الخوف يذعرني ... مما يسلم ما حولي من الشجر ) .
( فقلت : ظني وما أدري يصدقني ؟ ... أن سوف تبعث تتلو منزل السور ) .
( فسوف أبليك إن أعلنت دعوتهم ... مني الجهاد بلا من ولا كدر )