باب ذكر النهي عن المراء في القرآن .
[ حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرني سليمان بن بلال عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة Bه قال : إن رسول الله A قال : مراء في القرآن كفر ] .
[ حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا يحيى بن يعلى التيمي عن منصور عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة Bه قال : قال رسول الله A : المراء في القرآن كفر ] .
[ حدثنا الفريابي قال : أخبرنا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا أبو عمران الجوني قال : كتب إلي عبد الله بن رباح الأنصاري : إني سمعت عبد الله بن عمرو Bهما يقول : هجرت إلى رسول الله A يوما إذ سمع صوت رجلين اختلفا في آية من القرآن فخرج علينا رسول الله A يعرف في وجهه الغضب فقال A : إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب ] .
[ حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا زهير بن محمد المروزي قال : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا معمر عن الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو Bهما قال : سمع النبي A قوما يتدارؤون في القرآن فقال E : إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله D بعضه ببعض وإنما كتاب الله تعالى يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض ما علمتم منه فقولوا به وما جهلتم فكلوه إلى عالمه ] .
[ حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عبد الله بن نمير قال : حدثنا موسى بن عبيدة قال : حدثنا عبد الله بن يزيد عن عبد الرحمن بن ثوبان عن عبد الله بن عمرو Bهما قال : قال رسول الله A : دعوا المراء في القرآن فإن الأمم قبلكم لم يلعنوا حتى اختلفوا في القرآن وإن مراء في القرآن كفر ] .
و [ حدثنا أبو بكر بن عبد الحميد قال : حدثنا زهير بن محمد قال : حدثنا عبد الله بن المبارك قال : حدثنا سويد أبو حاتم عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة Bه قال : بينما نحن نتذاكر عند باب رسول الله A القرآن ينزع هذا بآية وهذا بآية فخرج علينا رسول الله A فكأنما صب على وجهه الخل فقال E : يا هؤلاء لا تضربوا كتاب الله تعالى بعضه ببعض فإنه لم تضل أمة إلا أوتوا الجدل ] .
قال محمد بن الحسين : فإن قال قائل : عرفنا هذا المراء الذي هو كفر ما هو ؟ قيل له : نزل هذا القران على رسول الله A على سبعة أحرف ومعناها : على سبع لغات وكان رسول الله A يلقن كل قبيلة من العرب على حسب ما يحتمل من لغتهم تخفيفا من الله D ورحمة بأمة محمد A فكانوا ربما إذا التقوا يقول بعضهم لبعض : ليس هكذا القرآن وليس هكذا علمنا رسول الله A ويعيب بعضهم قراءة بعض فنهوا عن هذا وقيل لهم : اقرؤوا كما علمتم ولا يجحد بعضكم قراءة بعض واحذروا الجدال والمراء فيما قد تعلمتم .
والحجة فيما قلنا : .
[ حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي قال : حدثنا أبو بكر بن عياش قال : حدئنا عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود Bه قال : قلت لرجل : أقرئني من الأحقاف ثلاثين آية فأقرأني خلاف ما أقرأني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقلت لآخر أقرئني ثلاثين آية من الأحقاف فأقرأني خلاف ما أقرأني الأول فأتيت بهما النبي A فغضب و علي بن أبي طالب Bه جالس عنده فقال علي Bه : قال E لكم : اقرؤوا كما علمتم ] .
و [ حدثنا أيضا أبو محمد يحيي بن صاعد قال : حدثنا أحمد بن شعبان القطان قال : حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شريك عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود Bه أنه قال : أقرأني رسول الله A سورة فدخلت المسجد فقلت : أفيكم من قرأ ؟ فقال رجل من القوم : أنا فقرأ السورة التي أقرأنيها رسول الله A فإذا هو يقرأ بخلاف ما أقرأني رسول الله A فانطلقنا إلى رسول الله A أنا والرجل وإذا عنده علي Bه فقلنا : يا رسول الله اختلفنا في قراءتنا فتغير وجه رسول الله A فقال علي Bه : ان رسول الله A يقول : إنما هلك من كان قبلكم بالأختلاف فليقرأ كل رجل منكم ما أقرىء ] .
و [ حدثنا إبراهيم بن موسى الجوزقي قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب الدورقي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : أخبرنا مالك بن أنس عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن عبد القاري عن عمر بن الخطاب Bه قال : سمعت هشام بن حكيم Bه يقرأ سورة الفرقان في الصلاة على خلاف ما أقرؤها وكان رسول الله A أقرأنيها فأخذت بثوبه فذهبت به إلى رسول الله A فقلت : يارسول الله إني سمعت هذا يقرأ الفرقان على غير ما أقرأتنيها فقال E : اقرأ فقرأ القراءة التي سمعتها منه فقال صلوات الله وسلامه عليه : هكذا أنزلت إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه ] .
قال محمد بن الحسين : فصار المراء في القرآن كفرا بهذا المعنى يقول هذا : قراءتي أفضل من قراءتك ويقول الآخر : بل قراءتي أفضل من قراءتك ويكذب بعضهم بعضا فقيل لهم : ليقرأ كل إنسان كما علم ولا يعب بعضكم قراءة غيره واتقوا الله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه واعتبروا بأمثاله واحلوا حلاله وحرموا حرامه .
وقد ذكرت في تأليف كتاب المصحف : مصحف عثمان بن عفان Bه الذي اجتمعت علبه الأمة والصحابة Bهم ومن بعدهم من التابعين وأئمة المسلمين رحمة الله تعالى عليهم في كل بلد وقول السبعة الأئمة في القرآن ما فيه كفاية ولم أحب ترداده هاهنا وإنما مرادي ههنا ترك الجدال والمراء في القرآن فإنا قد نهينا عنه ولا يقول إنسان في القران برأيه ولا يفسر القرآن إلا بما جاء به رسول الله A أو عن أحد من صحابته Bهم أو عن أحد من التابعين رحمة الله تعالى عليهم أو عن إمام من أئمة المسلمين ولا يماري ولا يجادل .
فإن قال قائل : فإنا قد نرى الفقهاء يتناظرون في الفقه فيقول أحدهم : قال الله D كذا وقال النبي A كذا وكذا فهل يكون هذا من المراء ؟ .
قيل : معاذ الله ليس هذا مراء ولكن الفقيه ربما ناظره الرجل في مسألة فيقول له على جهة البيان والنصيحة : حجتنا فيه : قال الله D كذا وقال النبي A كذا على جهة النصيحة والبيان لا على جهة المماراة فمن كان هكذا ولم يرد المغالبة ولا أن يخطىء خصمه ويستظهر عليه سلم وقبل إن شاء الله تعالى كما ذكرنا في هذا الباب والذي قبله .
قال الحسن : المؤمن لا يداري ولا يماري ينشر حكمة الله D فإن قبلت حمد الله D وإن ردت حمد الله D وعلا .
وبعد هذا فأكره الجدال والمراء ورفع الصوت في المناظرة في الفقه إلا على الوقار والسكينة الحسنة .
وقال عمر بن الخطاب Bه : تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم وتواضعوا لمن تتعلمون منه وليتواضع لكم من تعلمونه ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم