باب في المرجئة وسوء مذاهبهم عند العلماء .
حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا زهير بن محمد المروزي قال : حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري قال : ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على الملة من هذه يعني : أهل الإرجاء .
حدثنا إسحاق بن أبي حسان الأنماطي قال : حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال : حدثنا شهاب بن فراس عن أبي حمزة الثمالي الأعور قال : قلت لإبراهيم : ما ترى في رأي المرجئة ؟ فقال : أوه لفقوا قولا فأنا أخافهم على الأمة الشر من أمرهم كثير فإياك وإياهم .
حدثنا أبو نصر محمد بن كردي قال : حدثنا أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - قال : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثني سعيد بن صالح عن حكيم بن جبير قال إبراهيم : المرجئة أخوف عندي على الإسلام عدتهم من الأزارقة .
حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا الضحاك بن مخلد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي عمرو السيباني قال : قال حذيفة رضي الله تعالى عنه : إني لأعرف أهل دسر أهل ذلك الدسر في النار قوم يقولون : الإيمان كلام وإن زنى وقتل وقوم يقولون : إن أولية الضلال ما قال خمس صلوات وإنما هما صلاتان قال تعالى : { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل } .
وحدثنا أبو نصر قال : حدثنا أبو بكر قال : حدثنا أبو عبد الله قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا أبو عمرو عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن حذيفة Bه قال : إني لأعلم أهل دينين هذين الدينين في النار قوم يقولون : الإيمان كلام وقوم يقولون : ما بال الصلوات الخمس ؟ وإنما هما صلاتان .
وحدثنا أبو نصر قال : حدثنا ابو بكر قال : حدثنا ابو عبد الله قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثني حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال : مثل المرجئة مثل الصابئين .
وحدثنا أبو نصر قال : حدثنا أبو بكر قال : حدثنا أبو عبد الله قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا أيوب قال : قال لي سعيد بن جبير : رأيتك مع طلق قلت : بلى فما له ؟ قال : لا تجالسه فإنه مرجىء قال أيوب : وما شاورته في ذلك ويحق للمسلم إذا رأى من أخيه ما يكره أن يأمره وينهاه .
قال : وحدثنا أبو عبد الله قال : حدثنا عبد الله بن نمير قال : سمعت سفيان - وذكر المرجئة - فقال : رأي محدث أدركنا الناس على غيره .
قال : وحدثنا أبو عبد الله قال : حدثنا معاوية بن عمرو قال : حدثنا أبو إسحاق - يعني الفزاري - قال : قال الأوزاعي : قد كان يحيى و قتادة يقولان : ليس من الأهواء شيء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء .
قال : وحدثنا أبو عبد الله قال : حدثنا عبد الله بن نمير عن جعفر الأحمر قال : قال منصور بن المعتمر في شيء : لا أقول كما قالت المرجئة الضالة المبتدعة .
قال : وحدثنا أبو عبد الله قال : وحدثنا حجاج قال : سمعت شريكا - وذكر المرجئة - قال : هم أخبث قوم وحسبك بالرافضة خبثا ولكن المرجئة يكذبون على الله D .
قال : حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : حدثنا الفضل بن زياد قال : سمعت أبا عبد الله - وسئل عن المرجئة - فقال : من قال : إن الإيمان قول .
حدثنا جعفر قال : حدثنا الفضل قال : حدثنا أبو عبد الله قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا سلمة بن نبيط عن الضحاك بن مزاحم قال : ذكروا عنده من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة فقال : هذا قبل أن تحد الحدود وتنزل الفرائض .
أخبرنا خلف بن عمرو العكبري قال : حدثنا الحميدي قال : سمعت وكيعا يقول : أهل السنة يقولون : الإيمان قول وعمل والمرجئة يقولون : الإبمان قول والجهمية يقولون : الإيمان معرفة .
قال محمد بن الحسين : من قال : الإيمان قول دون العمل يقال له : رددت القرآن والسنة وما عليه جميع العلماء وخرجت من قول المسلمين وكفرت بالله العظيم .
فإن قال : بماذا ؟ .
قيل له : إن الله D أمر المؤمنين بعدأن صدقوا في إيمانهم : أمرهم بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وفرائض كثيرة يطول ذكرها مع شدة خوفهم على التفريط فيها النار والعقوبة الشديدة .
فمن زعم أن الله تعالى فرض على المؤمنين ما ذكرنا ولم يرد منهم العمل ورضي منهم بالقول فقد خالف الله D ورسوله A فإن الله D لما تكامل أمر الإسلام بالأعمال قال : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } وقال النبي A : [ بني الإسلام على خمس ] وقال A : [ من ترك الصلاة فقد كفر ] .
قال محمد بن الحسين C تعالى : ومن قال : الإيمان : المعرفة دون القول والعمل فقد أتى بأعظم من مقالة من قال : الإيمان : قول ولزمه أن يكون إبليس على قوله مؤمنا لأن إبليس قد عرف ربه قال تعالى : { قال رب بما أغويتني } وقال تعالى : { رب فأنظرني } ويلزم أن تكون اليهود - لمعرفتهم بالله وبرسوله - أن يكونوا مؤمنين قال الله D : { يعرفونه كما يعرفون أبناءهم } فقد أخبر D : أنهم يعرفون الله تعالى ورسوله .
ويقال لهم : أليس الفرق بين الإسلام وبين الكفر العمل ؟ وقد علمنا أن أهل الكفر والشرك قد عرفوا بعقولهم أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما ولا ينجيهم في ظلمات البر والبحر إلا الله D وإذا أصابتهم الشدائد لا يدعون إلا الله فعلى قولهم أن الإيمان المعرفة كل هؤلاء مثل من قال : الإيمان : المعرفة على قائل هذه المقالة الوحشية لعنة الله .
بل نقول - والحمد لله - قولا يوافق الكتاب والسنة وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم وقد تقدم ذكرنا لهم : أن الإيمان معرفة بالقلب تصديقا يقينا وقول باللسان وعمل بالجوارح ولا يكون مؤمنا إلا بهذه الثلاثة لا يجزىء بعضها عن بعض والحمد لله على ذلك .
قال : [ حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا يوسف القطان قال : حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن الزهري قال : قال : لي عبد الملك بن مروان : الحديث الذي جاء عن النبي A : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنا وإن سرق ] قال : فقلت له : أين يذهب بك يا أمير المؤمنين ؟ هذا قبل الأمر والنهي وقبل الفرائض .
قال محمد بن الحسين C تعالى : احذروا رحمكم الله قول من يقول : إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل ومن يقول : أنا مؤمن عند الله وأنا مؤمن مستكمل الإيمان هذا كله مذهب أهل الإرجاء .
حدثنا حسان بن أبي سنان الأنماطي قال : حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال : حدثنا عبد الملك بن محمد قال : حدثنا الأوزاعي قال : ثلاث هن بدعة : أنا مؤمن مستكمل الإيمان وأنا مؤمن حقا وأنا مؤمن عند الله تعالى .
قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدئنا يحيى بن سليم الطائفي قال : حدثنا نافع بن عمر القرشي قال : كنا عند ابن أبي مليكة فقال له جليس له : يا أبا محمد إن ناسا يجالسونك يزعمون أن إيمانهم كإيمان جبريل وميكائيل ؟ فغضب عبد الله ابن أبي مليكة فقال : ما رضي الله D لجبريل عليه السلام حتى فضله بالثناء على محمد A فقال : { إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون } يعني محمدا A قال ابن أبي مليكة : أفأجعل إيمان جبريل وميكائيل كإيمان فهدان ؟ لا ولا كرامة ولا حبا .
قال نافع : قد رأيت فهدان كان رجلا لا يصحو من الشراب .
قال محمد بن الحسين C تعالى : من قال هذا فقد أعظم الفرية على الله D وأتى بضد الحق وبما ينكره جميع العلماء لأن قائل هذه المقالة يزعم : أن من قال لا إله إلا الله : لم تضره الكبائر أن يعملها ولا الفواحش أن يرتكبها وأن عنده : أن البار التقي الذي لا يباشر من ذلك شيئا والفاجر يكونان سواء هذا منكر قال الله D : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون } وقال D : { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار } .
فقل لقائل هذه المقالة المنكرة : ياضال يامضل إن الله D لم يسو بين الطائفتين من المؤمنين في أعمال الصالحات حتى فضل بعضهم على بعض درجات قال الله D : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير } فوعدهم الله D كلهم الحسنى بعد أن فضل بعضهم على بعض وقال D : { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة } ثم قال : { وكلا وعد الله الحسنى } وكيف يجوز لهذا الملحد في الدين أن يسوي بين إيمانه وإيمان جبريل وميكائيل ويزعم أنه مؤمن حقا ؟ .
[ حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا سويد بن سعيد قال : حدثنا شهاب بن خراش عن محمد بن زياد عن أبي هريرة Bه : أن رسول الله A قال : ما بعث الله نبيا قبلي فاستجمعت له أمته إلا كان فيهم مرجئة وقدرية يشوشون أمر أمته من بعده ألا وإن الله D لعن المرجئة والقدرية على لسان سبعين نبيا أنا آخرهم أو أحدهم ] .
[ أخبرنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو أسامة و محمد بن بشر قالا : أخبرنا ابن نزار علي أو محمد عن أبيه عن عكرمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله A : صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة والقدرية ] .
قال : [ حدثنا أبو علي الحسين بن محمد بن شعبة الأنصاري قال : حدثنا علي بن المنذر الطريقي قال : حدثنا ابن فضيل قال : حدثنا أبي و علي بن نزار عن عكرمة عن ابن عباس Bهما قال : قال رسول الله A : صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة والقدرية ]