باب ذكر ما تأدى إلينا عن أبي بكر وعمر Bهما من ردهما على القدرية وإنكارهما عليهم .
حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عمن أخبره عن عبد الله بن شداد قال : قال أبو بكر الصديق Bه : إن الله D خلق الخلق فجعله نصفين فقال لهؤلاء : ادخلوا الجنة : وقال لهؤلاء : ادخلوا النار ولا أبالي .
[ حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا يحيى بن زكريا عن موسى بن عقبة عن أبي الزبير وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله A قال لأبي بكر Bه : يا أبا بكر إن الله D لو لم يشأ أن يعصى ما خلق إبليس ] .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي قال : حدثنا عبد العزيز بن المختار قال : حدثنا خالد الحذاء عن عبد الأعلى بن عبد الله عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : خطبنا عمر بن الخطاب Bه بالجابية والجاثليق ماثل بين يديه والترجمان يترجم فقال عمر : من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له فقال الجاثليق : إن الله لا يضل أحدا فقال عمر : ما يقول ؟ فقال الترجمان : لا شيء ثم عاد في خطبته فلما بلغ : من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له قال الجاثليق : إن الله لا يضل أحدا فقال عمر : ما يقول ؟ فأخبره فقال : كذبت يا عدو الله ولولا عهدك لضربت عنقك بل الله خلقك والله أضلك ثم يميتك ثم يدخلك النار إن شاء الله ثم قال : إن الله D لما خلق أدم عليه السلام نثر ذريته فكتب أهل الجنة وما هم عاملون وأهل النار وما هم عاملون ثم قال : هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه .
ولقد كان الناس تذاكروا القدر فافترق الناس وما يذكره أحد .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : أخبرنا خالد - وهو ابن عبد الله - عن خالد - وهو ابن مهران الحذاء أبو المنازل - عن عبد الأعلى بن عبد الله عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : خطبنا عمر بن الخطاب Bه بالجابية والجاثليق بين يديه وبين يديه الترجمان يترجم فقال عمر : من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له - وذكر الحدبث إلى آخره .
قال محمد بن الحسين C : وقد ذكرنا عن ابن عمر وعن علي بن أبي طالب Bهما حديثهما عن النبي A في القدر وهو أصل كبير لما يرد به على القدرية الأشقياء .
وقد روي عن علي بن أبي طالب Bه أنه كان يعلم الناس إثبات القدر وأن الله D خلق الخلق شقيا وسعيدا .
وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن وزير الواسطي قال : حدثنا نوح بن قيس الطاحي عن سلامة الكندي قال : كان علي بن أبي طالب Bه يعلم الناس الصلاة على النبي A فيقول : قولوا : اللهم داحي المدحوات وباري المسموكات وجبار القلوب على فطرتها شقيا وسعيدها اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحيتك على محمد عبدك ورسولك - وذكر الحديث بطوله .
وحدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا محمد بن الوزير الواسطي قال : حدثنا نوح بن قيس - وذكر الحديث بإسناده مثله .
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا عبد العزيز - وهو ابن أبي سلمة - قال : أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك - في حديث رفعه إلى علي Bه - قال : ذكر عنده القدر يوما قال : فأدخل إصبعيه في فيه : السبابة والوسطى وأخذ بهما من ريقه فرقم بهما في ذراعه ثم قال : أشهد أن هاتين الرقمتين كانتا في أم الكتاب .
وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أيوب شيخ لنا قال : حدثنا إسماعيل بن عمر البجلي قال : حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده قال : أتى رجل علي بن أبي طالب Bه قال : أخبرني عن القدر ؟ قال : طريق مظلم فلا تسلكه قال : أخبرني عن القدر ؟ قال : بحر عميق فلا تلجه قال : أخبرني عن القدر ؟ قال : سر الله فلا تكلفه ثم ولى الرجل غير بعيد ثم رجع فقال لعلي : في المشيئة الأولى أقوم وأقعد وأقبض وأبسط فقال له علي Bه : إني سائلك عن ثلاث خصال ولن يجعل الله D لك ولا لمن ذكر المشيئة مخرجا أخبرني : أخلقك الله D لما شاء أو لما شئت ؟ قال : لا بل لما شاء قال : أخبرني : أفتجيء يوم القيامة كما شاء أو كما شئت ؟ قال : لا بل كما شاء قال : فأخبرني : أخلقك الله D كما شاء أو كما شئت ؟ قال : لا بل كما شاء قال : فليس لك في المشيئة شيء .
قال محمد بن الحسين C : من خالف هؤلاء خولف به عن طريق الحق .
أخبرنا الفريابي قال : حدثنا إسحاق بن راهويه قال : حدثنا أبو عامر العقدي قال : حدثنا هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي الأسود الديلي قال : قدمت البصرة وبها عمران بن الحصين صاحب رسول الله A فجلست في مجلس فذكروا القدر فأمرضوا قلبي فأتيت عمران بن الحصين فقلت : يا أبا نجيد إني جلست مجلسا فذكروا القدر فأمرضوا قلبي فهل أنت محدثي عنه ؟ فقال : نعم : تعلم أن الله D لوعذب أهل السموات وأهل الأرض لعذبهم حين يعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته أوسع لهم ولو كان لك مثل أحد ذهبا فأنفقته ما تقبل منك حتى تؤمن بالقدر كله خيره وشره وستقدم المدينة فتلقى بها ابي بن كعب و عبد الله بن مسعود قال : فقدمت المدينة فجلست في مجلس فيه عبد الله بن مسعود و أبي بن كعب فقلت لأبي : أصلحك الله إني قدمت البصرة فجلست في مجلس فذكروا القدر فأمرضوا قلبي فهل أنت محدثي عنه ؟ فقال : نعم تعلم أن الله D لو عذب أهل السموات وأهل الأرض لعذبهم حين يعذبهم وهو غير ظالم ولو رحمهم كانت رحمته أوسع لهم ولو كان لك مثل أحد ذهبا فأنفقته ما تقبل منك حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ثم قال : يا أبا عبد الرحمن حدث أخاك قال : فحدثني بمثل ما حدثني أبي بن كعب .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا ميمون بن الأصبغ النصيبي قال : حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح أن أبا الزاهرية حدثه عن كثير بن مرة عن ابن الديلمي - يعني عبد الله بن الديلمي - أنه لقي سعد بن أبي وقاص فقال له : إني شككت في بعض أمر القدر فحدثني لعل الله D يجعل لي عندك فرجا قال : نعم يا ابن أخي إن الله تعالى لو عذب أهل السموات وأهل الأرض عذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته إياهم خيرا لهم من أعمالهم ولو أن لامرىء مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله حتى ينفده لم يؤمن بالقدر خيره وشره ما تقبل منه ولا عليك أن تأتي عبد الله بن مسعود فذهب ابن الديلمي إلى عبد الله بن مسعود فقال له مثل مقالته لسعد فقال له مثل ما قال له سعد وقال له ابن مسعود ما عليك أن تلقى أبي بن كعب فذهب ابن الديلمي إلى أبي بن كعب فقال له مثل مقالته لابن مسعود فقال له أبي مثل مقالة صاحبيه فقال له أبي : ولا عليك أن تلقى زيد بن ثابت فذهب ابن الديلمي إلى زيد بن ثابت فقال له : إن شككت في بعض القدر فحدثني لعل الله D أن يجعل لي عندك منه فرجا قال زيد : نعم يا ابن أخي إني [ سمعت رسول الله A يقول : إن الله D لو عذب أهل السموات وأهل الأرض عذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو أن لامرىء مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله حتى ينفده لا يؤمن بالقدر خيره وشره دخل النار ] .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا منجاب بن الحارث قال : حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الحارث قال : قال عبد الله بن مسعود لا يذوق عبد طعم الإيمان حتى يؤمن بالقدر كله وبأنه مبعوث من بعد الموت .
قال : وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن شيبة قال : حدثنا وكيع عن المسعودي عن معن قال : قال عبد الله - يعني ابن مسعود - ما كان كفر بعد نبوة إلا كان معه التكذيب بالقدر .
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا حماد بن زيد عن مطر الوراق قال : حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال : لما تكلم معبد الجهني بما تكلم فيه من شأن القدر فأنكرنا ما جاء به فحججت أنا و حميد بن عبد الرحمن الحميري حجتي فلما قضينا نسكنا قال أحدنا لصاحبه : مل بنا إلى المدينة أو لو ملت بنا إلى المدينة ؟ فلقينا بها من بقي من أصحاب رسول الله A فسألناهم عما جاء به معبد فملنا إلى المدينة فدخلنا المسجد ونحن نؤم أبا سعيد أو ابن عمر فإذا ابن عمر قاعد فاكتنفناه فقدمني حميد للمسألة فكنت أجرأ على المنطق منه فقلت : أبا عبد الرحمن إن قوما قد نشأوا بالعراق وقرؤوا القرآن وتفقهوا في الدين يقولون : لا قدر قال : فإذا لقيتموهم فقولوا لهم : إن ابن عمر منهم بريء وهم مني براء لو أنفقوا ما في الأرض ذهبا ما تقبل منهم حتى يؤمنوا بالقدر ـ وذكر الحديث بطوله .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا حماد بن زيد - وذكر الحديث بطوله مثله .
وحدثنا الفريابي قال : حدثنا إسحاق بن راهويه قال : حدثنا النضر بن شميل قال : حدثنا كهمس بن الحسن قال : حدثنا عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر .
قال الفريابي : وحدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت كهمسا يحدث عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر قالا جميعا كان أول من قال في هذا القدر بالبصرة : معبد الجهني فانطلقت أنا و حميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين وذكر الحديث بطوله .
وقد ذكرناه في غير هذا الموضع .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا عبيد الله بن معاذ قال : حدثنا أبي قال : حدثنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي قال : كنا عند أبي عثمان النهدي فحمدنا الله D وذكرناه فقلت : لأنا بأول هذا الأمر أشد فرحا مني بآخره فقال : ثبتك الله كنا عند سلمان فحمدنا الله D وذكرناه فقلت : لأنا بأول هذا الأمر أشد فرحا مني بآخره فقال سلمان : ثبتك الله D إن الله لما خلق آدم عليه السلام مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذراري إلى يوم القيامة فخلق الذكر والأنثى والشقاوة والسعادة والأرزاق والآجال والألوان فمن علم السعادة : فعل الخير ومجالس الخير ومن علم الشقاوة : فعل الشر ومجالس الشر .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا عبيد الله بن معاذ قال : حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : حدثنا أبو عثمان : أنه سمع عبد الله أو سلمان - ولا أراه إلا سلمان - قال : إن الله D خمر طينة آدم أربعين ليلة أو أربعين يوما ثم ضرب بيديه فيه فخرج كل طيب في يمينه وكل خبيث في يده الأخرى ثم خلط بينهما قال : فمن ثم يخرج الحي من الميت والميت من الحي أو كما قال .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو مروان عبد الملك بن حبيب المصيصي قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال : إن الله D خمر طينة آدم عليه السلام أربعين يوما أو أربعين ليلة - فذكر الحديث وقال فيه : عن سلمان وحده .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو كامل الجحدري قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الحجاج الأزدي قال : قلت لسلمان ما قول الناس حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ؟ قال : حتى تؤمن بالقدر تعلم أن ما أخطاك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك ولا تقول : لو فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولو لم أفعل كذا وكذا لم يكن كذا وكذا .
أخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبيه عن عبد الله بن سلام أنه قال : خلق الله D الأرض بوم الأحد والإثنين وقدر فيها أقواتها وجعل فيها رواسي من فوقها يوم الثلاثاء والأربعاء ثم استوى إلى السماء وهي دخان فخلقها يوم الخميس ويوم الجمعة وأوحى في كل سماء أمرها وخلق آدم عليه السلام في آخر ساعة من يوم الجمعة على عجل ثم تركه أربعين يوما ينظر إليه ويقول تبارك وتعالى : { فتبارك الله أحسن الخالقين } ثم نفخ فيه من روحه فلما دخل في بعضه الروح - ذهب ليجلس قال الله D : { خلق الإنسان من عجل } فلما تتابع فيه الروح عطس فقال الله D : { قل الحمد لله } فقال : الحمد لله فقال الله D : رحمك ربك ثم قال له : اذهب إلى أهل ذلك المجلس من الملائكة فسلم عليهم ففعل فقال : هذه تحيتك وتحية ذريتك ثم مسح ظهره بيديه فأخرج فيهما من هو خالق من ذريته إلى أن تقوم الساعة ثم قبض يديه ثم قال : اختر يا آدم فقال : اخترت يمينك يا رب وكلتا يديك يمين فبسطها فإذا فيها ذريته من أهل الجنة فقال : من هؤلاء يا رب ؟ قال : هم من قضيت أن أخلق من ذريتك من أهل الجنة إلى أن تقوم الساعة فإذا فيهم من له وبيص ؟ فقال : من هؤلاء يا رب ؟ قال : هم الأنبياء قال : فمن هذا الذي كان له وبيص ؟ قال : هو ابنك داود قال : فكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة قال : فكم عمري ؟ قال ألف سنة ؟ قال : فزده يا رب من عمري أربعين سنة قال : إن شئت قال : فقد شئت قال : إذا تكتب وتختم ولا يبدل ثم رأى في آخر كف الرحمن D منهم آخرهم له فضل وبيص قال فمن هذا يا رب ؟ قال : هذا محمد هو آخرهم وأولهم أدخله الجنة فلما أتاه ملك الموت ليقبض نفسه قال : إنه قد بقي من عمري أربعون سنة قال : أو لم تكن وهبتها لابنك داود ؟ قال : لا قال : فنسي آدم فنسيت ذريته وعصى آدم فعصت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته وذلك أول يوم أمر بالشهود .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا إسحاق بن راهويه قال : حدثنا حكام بن سلم الرازي قال : حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قول الله D : { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم } إلى قول الله D : { أفتهلكنا بما فعل المبطلون } قال : جمعهم له يومئذ جميعا ما هو كانن إلى يوم القيامة ثم جعلهم أزواجا ثم صورهم واستنطقهم وتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق { وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون } قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين فلا تشركوا بي شيئا فإني أرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي فقالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك ورفع لهم أبوهم فنظر إليهم فرأى فيهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال : يا رب لو شئت سويت بين عبادك فقال : إني أحب أن أشكر ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة فذلك قوله D { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح } وهو قوله D : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } وذلك قوله : { هذا نذير من النذر الأولى } وهو قوله D : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } وهو قوله تعالى : { ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل } فكان في علمه D يوم أقروا به من يكذب به ومن يصدق به وكان روح عيسى ابن مريم عليه السلام من تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد والميشاق في زمان أدم عليه السلام فأرسل ذلك الروح إلى مريم حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا { فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا } إلى قوله D : { وكان أمرا مقضيا * فحملته } .
قال : حملت التي خاطبها وهو روح عيسى عليه السلام .
قال إسحاق : قال حكام : وحدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال دخل من فيها .
أخبرنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن مصفى أبو عبد الله الحمصي قال : حدثنا محمد بن حرب قال : حدثنا الزبيدي عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه غشي على عبد الرحمن في وجعه غشية ظنوا أنه قد فاض منها حتى قمنا من عنده وجللوه ثوبا وخرجت أم كلثوم بنت عقبة امرأة عبد الرحمن إلى المسجد تستعين بما أمرت به من الصبر والصلاة فلبثوا ساعة و عبد الرحمن في غشيته ثم أفاق عبد الرحمن فكان أول ما تكلم به : أن كبر وكبر أهل البيت ومن يليهم فقال لهم عبد الرحمن : أغشي علي أنفا ؟ قالوا : نعم قال : صدقتم فإنه انطلق بي في غشيتي رجلان أجد منهما شدة وغلظة : فقالا : انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين فانطلقا بي حتى لقينا رجلا فقال : أين تذهبان بهذا ؟ قالا : نحاكمه إلى العزيز الأمين قال : فارجعا فإنه ممن كتب الله D لهم السعادة والمغفرة وهم في بطون أمهاتهم وإنه سيمتع بقوة إلى ما شاء الله فعاش بعد ذلك شهرا ثم مات .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن عزيز قال : حدثنا سلامة بن روح عن عقيل بن خالد قال : حدثنا ابن شهاب الزهري قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه - وذكر نحوا من الحديث قبله .
و [ أخبرنا الفريابي : حدثنا عبد الرحيم بن ابراهيم الدمشقي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا عثمان بن أبي العاتكة قال حدثنا سليمان بن حبيب عن الوليد بن عبادة أن أباه عبادة بن الصامت لما احتضر سأله ابنه عبد الرحمن فقال : يا أبت أوصني فقال : أجلسوني فلما أجلسوه قال : يابني اتق الله ولن تتقي الله حتى تؤمن بالله ولن تؤمن بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله A يقول : القدر على هذا فمن مات على غير هذا دخل النار ] .
و [ أخبرنا الفريابي قال : أخبرنا محمد بن مصفى قال : حدثنا بقية قال : حدثنا معاوية بن سعيد قال : حدثنا عبد الله بن السائب عن عطاء بن ابي رباح قال : سألت الوليد بن عبادة بن الصامت : كيف كانت وصية أبيك إياك حين حضره الموت ؟ قال : دعاني فقال : يابني أوصيك بتقوى الله واعلم أنك لن تتقي الله D حتى تؤمن بالله واعلم أنك لن تؤمن بالله ولن تطعم طعم حقيقة الإيمان ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالقدر كله خيره وشره ؟ قال : قلت : يا أبت وكيف لي أن أؤمن بالقدر كله في خيره وشره ؟ قال : تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك أي بني إني سمعت رسول الله A يقول : إن أول ما خلق الله D القلم قال : اكتب قال : ما أكتب يارب ؟ قال : اكتب القدر قال : فجرى القلم في تلك الساعة بما كان وبما هو كائن إلى الأبد ] .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثت أبو انس مالك بن سليمان قال : حدثنا بقية - يعني ابن الوليد - عن مبشر بن عبيد عن عطاء بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس في قول الله D : { كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة } وكذلك خلقهم حين خلقهم مؤمنا وكافرا وسعيدا وشقيا وكذلك يعودون يوم القيامة مهتدين وضلالا .
أخبرنا الفريابي قال : حدثنا منجاب بن الحارث قال : أخبرنا علي بن مسهر عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله D : { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم } قال : لما خلق الله D آدم أخذ ذريته من ظهره كهيئة الذر ثم سماهم بأسمائهم فقال : هذا فلان بن فلان يعمل كذا وكذا وهذا فلان بن فلان يعمل كذا وكذا ثم أخذهم بيده قبضتين فقال : هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم قال : حدثنا علي بن الحسين بن شقيق قال : حدثنا عبد الله - وهو ابن المبارك - قال : حدثنا ابن جريج عن الزبير بن موسى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن الله D ضرب منكبه الأيمن - يعني آدم عليه السلام - فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية فقال : هؤلاء أهل الجنة ثم ضرب منكبه الأيسر فخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء فقال : هؤلاء أهل النار ثم أخذ عهدهم على الإيمان به والمعرفة له ولأمره والتصديق بأمره بني آدم كلهم وأشهدهم على أنفسهم فآمنوا وصدقوا وعرفوا وأقروا .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا منجاب بن الحارث قال : حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن ابن ظبيان عن ابن عباس قال : إن أول ما خلق الله D القلم فقال له : اكتب قال : رب وما أكتب ؟ قال : اكتب القدر فجرى بما يكون في ذلك إلى أن تقوم الساعة وكان عرشه على الماء ثم رفع بخار الماء ففتق منه السموات ثم خلق النون فدحيت الأرض على ظهر النون فتحرك النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال فإنها لتفخر عليها .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع بن الجراح عن سفيان الثوري عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن عباس Bهما قال : ذكر له قوم يتكلمون في القدر فقال : إن الله D استوى على عرشه قبل أن يخلق شيئا وكان أول ما خلق القلم فأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن إبراهيم بن محمد بن علي عن علي بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس أنه قال : كل شيء بقدر حتى وضعك يدك على خدك .
أخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو الحارث بن شريح بن يونس قال : حدثنا مروان بن شجاع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ما غلا أحد في القدر إلا خرج من الإيمان .
أخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا حفص بن غياث عن ليث عن طاوس قال : العجز والكيس من القدر .
وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال : حدثنا محمد بن يحيى و أحمد بن يوسف قالا : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال : العجز والكيس من القدر .
و [ حدثنا أبو بكر النيسابوري أيضا قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا عبد الله بن وهب أن مالكا أخبره عن زياد بن سعد عن عمرو بن مسلم عن طاوس اليماني أنه قال : أدركت أناسا من أصحاب رسول A يقولون كل شيء بقدر وسمعت عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله A : كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ] .
أخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع عن حنظلة عن طاوس عن ابن عباس قال : الحذر لا يغني من القدر ولكن الدعاء يدفع القدر .
وحدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو مسعود إسماعيل بن مسعود الجحدري قال : حدثنا معتمر بن سليمان قال : حدثنا أبو عوانة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ما في الأرض قوم أبغض إلي من أن يجيئوني فيخاصموني من القدرية في القدر وما ذاك إلا أنهم لا يعلمون قدر الله وإن الله D لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا يحيى بن سعيد عن أبي الزبير : أنه كان مع طاوس يطوف بالبيت فمر معبد الجهني فقال قائل لطاوس : هذا معبد الجهني ؟ فعدل إليه فقال : أنت المفتري على الله ؟ القائل ما لا تعلم ؟ قال : إنه يكذب علي قال أبو الزبير : فعدل مع طاوس حتى دخلنا على ابن عباس فقال له طاوس : يا أبا عباس الذي يقولون في القدر ؟ قال : أروني بعضهم قلنا : صانع بهم ماذا ؟ قال : إذا أضع يدي في رأسه فأدق عنقه .
أخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الملك بن ميسره عن طاوس قال : كنت جالسا مع ابن عباس Bهما في حلقة فذكروا أهل القدر فقال : منهم هاهنا أحد ؟ فأخذ برأسه فاقرأ عليه : { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا } ثم أقرأ عليه آية كذا وآية كذا آيات في القرآن .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم قال : حدثنا بهز بن أسد قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو هاشم عن مجاهد عن عبد الله بن عباس قال : لو رأيت أحدهم لأخذت بشعره - يعني القدرية - قال شعبة : فحدثت به أبا بشر فقال : سمعت مجاهدا يقول : ذكروا عند ابن عباس فاحتقن وقال : لو رأيت أحدهم لعضضت أنفه .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا شريك عن ابن خثيم عن مجاهد قال : قلت لابن عباس : إني أردت أن آتيك برجل يتكلم في القدر فقال : لو أتيتني به لأسبأت له وجهه أو لأوجعت رأسه لا تجالسهم ولا تكلمهم .
وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال : حدثنا الوليد - يعني ابن مسلم - قال : حدثنا الأوزاعي عن القاسم بن هزان عن الزهري عن ابن عباس قال : القدر : نظام التوحيد فمن وحد الله تعالى فآمن بالقدر فهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها ومن وحد الله وكذب بالقدر فإن تكذيبه بالقدر نقص للتوحيد .
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا محمد بن بكار قال : حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمر بن محمد بن يزيد و إسماعيل بن رافع و عبد الرحمن بن عمرو يرفعونه إلى عبد الله بن عباس أنه كان يقول : القدر نظام التوحيد فمن وحد الله D وكذب بالقدر كان تكذيبه بالقدر نقصا للتوحيد ومن وحد الله وآمن بالقدر كانت العروة الوثقى .
وبهذا الإسناد عن ابن عباس أنه كان يقول : باب شرك فتح على أهل القبلة : التكذيب بالقدر فلا تجادلوهم فيجري شركهم على أيديكم .
قال محمد بن الحسين C : فقد ذكرنا عن جماعة من الصحابة ما حضرنا ذكره من الرد على القدرية على ما يوافق الكتاب والسنة واستغنينا بما ذكرناه عن الكلام .
وسنذكر عن التابعين والعلماء من أئمة المسلمين مما تأدى إلينا من ردهم على القدرية على ما يوافق الكتاب وسنة رسول الله A وقول الصحابة Bهم مما إذا سمعه القدري فإن كان ممن أريد به الخير : راجع دينه وتاب إلى الله D وأناب وإن يك غير ذلك : فأبعده الله وأقصاه