بيانها وكشفها .
فبينها له بقولك : قال الله تعالى : { ادعوا ربكم تضرعا وخفية } .
فإذا أعلمته بهذا فقل له : هل علمت ؟ [ هذه عبادة لله ] .
فلا بد أن يقول : نعم والدعاء مخ العبادة .
فقل له : إذا أقررت أنها عبادة ودعوت الله ليلا ونهارا خوفا وطمعا ثم دعوت في تلك الحاجة نبيا غيره ؟ .
فلا بد أن يقول : نعم .
فقل له : فإذا علمت بقول الله تعالى : { فصل لربك وانحر } وأطعت الله ونحرت له هل هذه عبادة ؟ .
فلا بد أن يقول : نعم .
فقل له : إذا نحرت لمخلوق - نبي أو جني أو غيرهما - هل أشركت في هذه العبادة غير الله ؟ .
فلا بد أن يقر ويقول : نعم .
وقل له - أيضا : المشركون الذين نزل فيهم القرآن هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك ؟ .
فلا بد أن يقول : نعم .
فقل له : وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والإلتجاء ونحو ذلك وإلا فهم يقرون أنهم عبيده وتحت قهره وأن الله هو الذي يدبر الأمر ولكن دعوهم والتجأوا إليهم للجاه والشفاعة وهذا ظاهر جدا .
فإن قال أتنكر شفاعة رسول الله ( A ) وتبرأ منها ؟ .
فقل له : لا أنكرها ولا أتبرأ منها بل هو ( A ) الشافع المشفع وأرجو شفاعته ولكن الشفاعة كلها لله كما قال تعالى : { قل لله الشفاعة جميعا } ولا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال D : { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } ولا يشفع في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه كما قال D : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } .
وهو لايرضى إلا التوحيد كما قال D : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } فإذا كانت الشفاعة كلها لله ولا تكون إلا من بعد إذنه ولا يشفع النبي ( A ) ولاغيره - في أحد حتى يأذن الله فيه ولايأذن إلا لأهل التوحيد تبين لك : .
إن الشفاعة كلها لله فاطلبها منه فأقول : اللهم لا تحرمني شفاعته اللهم شفعه في وأمثال هذا فإن قال النبي ( A ) أعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله ؟ .
فالجواب : أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا فقال : { فلا تدعو مع الله أحدا } فإذا كنت تدعو الله أن يشفع نبيه فيك فأطعه في قوله : { فلا تدعو مع الله أحدا } .
وأيضا : فإن الشفاعة أعطيها غير النبي ( A ) فصح أن الملائكة يشفعون والأفراط يشفعون .
أتقول : أن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم ؟ .
فإن قلت هذا رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكر الله في كتابه وإن قلت : لا بطل قولك : أعطاه الله الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله .
فإن قال : أنا لا أشرك بالله شيئا حاشا وكلا ولكن الإلتجاء إلى الصالحين ليس بشرك ؟ .
فقل له : إذا كنت تقر أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا وتقر : أن الله لا يغفره فما هذا الأمر الذي حرمه الله وذكر أنه لايغفره فإنه لا يدري .
فقل له : كيف تبرئ نفسك من الشرك وأنت لا تعرفه أم كيف يحرم الله عليك هذا ويذكر أنه لا يغفره ولا تسأل عنه ولا تعرفه أتظن أن الله يحرمه ولا يبينه لنا ؟ .
فإن قال : الشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام ؟ فقل له : ما معنى عبادة الأصنام أتظن أنهم يعتقدون أن تلك الأخشاب والأحجار تخلق وترزق وتدبر أمر من دعاها فهذا يكذبه القرآن [ كما في قوله تعالى : { قل من يرزقكم من السماء والأرض } الآية ] ؟ .
وإن قال : هو من قصد خشبة أو حجرا أو أبنية على قبر أو غيره يدعون ذلك ويذبحون له ويقولون : إنه يقربنا إلى الله زلفى ويدفع الله عنا ببركته [ أو يعطينا ببركته ] ؟ فقل له : صدقت وهذا هو فعلكم عند الأحجار والأبنية التي على القبور وغيرها .
فهذا أقر : أن فعلهم هذا هو عبادة الأصنام [ فهو المطلوب ] .
ويقال له - أيضا - : قولك الشرك عبادة الأصنام هل مرادك أن الشرك مخصوص بهذا وأن الإعتماد على الصالحين ودعاءهم لايدخل في ذلك فهذا يرده ما ذكره الله في كتابه من كفر من تعلق على الملائكة أو عيسى أو الصالحين ؟ .
فلا بد أن يقر لك أن من أشرك في عبادة الله أحدا من الصالحين فهو الشرك المذكور في القرآن وهذا هو المطلوب .
وسر المسألة : أنه إذا قال أنا لا أشرك بالله فقل له : وما الشرك بالله ؟ فسره لي .
فإن قال : هو عبادة الأصنام .
فقل : وما معنى عبادة الأصنام ؟ فسرها لي .
فإن قال : أنا لاأعبد إلا الله وحده .
فقل له : ما معنى عبادة الله وحده ؟ فسرها لي .
فإن فسرها بما بينه القرآن فهو المطلوب وإن لم يعرفه فكيف يدعي شيئا وهو لا يعرفه ؟ وإن فسر ذلك بغير معناه بينت له الآيات الواضحات في معنى الشرك بالله وعبادة الأوثان وأنه الذي يفعلونه في هذا الزمان بعينه وأن عبادة الله وحده لا شريك له هي التي ينكرون علينا ويصيحون فيه كما صاح إخوانهم حيث قالوا : { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب } .
[ فإن قال : إنهم لايكفرون بدعاء الملائكة والأنبياء وإنما يكفرون لما قالوا : الملائكة بنات الله فإنا لم نقل : عبد القادر ابن الله ولا غيره ؟ .
فالجواب : أن نسبة الولد إلى الله كفر مستقل قال الله تعالى : { قل هو الله أحد * الله الصمد } .
والأحد : الذي لايظهر له .
والصمد : المقصود في الحوائج فمن جحد هذا فقد كفر ولو لم يجحد السورة .
وقال الله تعالى : { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله } .
ففرق بين النوعين وجعل كلا منهما كفرا مستقلا .
وقال تعالى : { وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم } ففرق بين الكفرين .
والدليل على هذا أيضا : أن الذين كفروا بدعاء اللات مع كونه رجلا صالحا لم يجعلونه ابن الله والذين كفروا بعبادة الجن لم يجعلوهم كذلك .
وكذلك - أيضا - : العلماء في جميع المذاهب الأربعة يذكرون في باب حكم المرتد : أن المسلم إذا زعم أن لله ولد فهو مرتد ويفرق بين النوعين وهذا في غاية الوضوح .
وإن قال { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } .
فقل : هذا هو الحق ولكن لا يعبدون ونحن لم نذكر إلا عبادتهم مع الله وشركهم معه وإلا فالواجب عليك حبهم واتباعهم والإقرار بكرامتهم .
ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والظلال ودين الله وسط بين طرفين وهدى بين ضلالتين وحق بين باطلين