واختلف العلماء هل من شرطه ترك الأسباب فنحا إليه الغزالي في إحياء علوم الدين وغيره وقال المحققون لا يشترط ذلك بل الأحسن ملابسة الأسباب للمنقول والمعقول أما المنقول فقوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وقال تعالى إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا وأمر تعالى بملابسة أسباب الاحتياط والحذر في غير موضع من كتابه العزيز ورسوله سيد المتوكلين وكان يطوف على القبائل ويقول من يعصمني حتى أبلغ رسالات ربي وكان له جماعة يحرسونه من العدو حتى نزل قوله تعالى والله يعصمك من الناس ودخل مكة مظاهرا بين درعين في كتيبته الخضراء من الحديد وكان في آخر عمره وأكمل أحواله يدخر قوت عياله سنة وأما المعقول فهو أن الملك العظيم إذا كانت له عوائد في أيام لا يحسن إلا فيها أو أبواب لا يخرج إلا منها أو أمكنة لا يوقع إلا فيها فالأدب معه أن لا يطلب منه فعل إلا حيث عوده وأن لا يخالف عوائده بل يجري عليها والله سبحانه وتعالى مالك الملوك وأعظم العظماء بل أعظم من ذلك رتب ملكه على عوائد أرادها وأسباب قدرها وربط بها آثار قدرته ولو شاء لم يربطها فجعل الري بالشرب والشبع بالأكل والاحتراق بالنار والحياة بالتنفس في الهواء فمن رام من الله تعالى تحصيل هذه الآثار بدون أسبابها فقد أساء الأدب بل يلتمس فضل الله تعالى في عوائده وقد انقسمت الخلائق في هذا المقام ثلاثة أقسام قسم عاملوا الله تعالى