باعتماد قلوبهم على قدرته مع إهمال الأسباب والعوائد فلجوا في البحار في زمن الهول وسلكوا القفار العظيمة المهلكة بغير زاد إلى غير ذلك من جنس هذه التصرفات فهؤلاء فاتهم الأدب وهم جماعة من العباد وقسم لاحظوا الأسباب وأعرضوا عن التوكل وهم عامة الخلق وهم شر الأقسام وربما وصلوا بذلك للكفر وقسم اعتمدت قلوبهم على قدرة الله تعالى وطلبوا فضله في عوائده ملاحظين في تلك الأسباب مسببها وميسرها فجمعوا بين التوكل والأدب وهؤلاء هم النبيون والصديقون وخاصة عباد الله العلماء بالله والعارفون بمعاملته جعلنا الله منهم بمنه وكرمه مسألة حسن الخلق هو الاتصاف بمحاسن الشريعة أو التسبب إليها وسوء الخلق هو ارتكاب مناهي الشريعة أو التوسل إليها وتحت هذه الجملة أمور لا يحصيها الضبط قال ابن يونس ينبغي للقاضي أو الأمير أن لا يكون من شأنه حب المدح وأن يعرف الناس منه ذلك فيقتحمون عليه منه فيضحكون منه به ويغتابونه به بل تكون همته في ثلاث خصال في رضى ربه ورضى سلطانه إن كان فوق الأمير أو القاضي سلطان ورضي صالح من يلي عليه وكان الشافعي رضي الله عنه يقول لما رأيت الناس لا يجتمعون على حالة أخذت لنفسي بالذي أولى بها ونظم هذا المعنى الشيخ الحافظ زيد الدين ابن عبد العظيم المحدث في مدرسة الكامل اعمل لنفسك صالحا لا تحتفل بكبير قيل في الأنام وقال فالناس لا يرجى اجتماع قلوبهم لا بد من مثن عليك وقال مسألة الحسد تمني القلب زوال النعمة عن المحسود واتصالها بك وهو أخف الحسدين وشرهما تمني زوالها وإن لم تصل إليك وأصل تحريمه الكتاب