فصل لما أنهى الكلام على قتال الكفار أتبعه بما ينشأ عنه جزية وغير ذلك من متعلقاته وبدأ بالكلام على الجزية لأنها الأمر الثاني المانع من القتال كما مر في قوله ودعوا للإسلام فالجزية والجزية بكسر الجيم لغة مأخوذة من المجازاة لأنها جزاء لكفنا عنهم وتمكينهم من سكنى دارنا وقيل من جزي يجزي إذا قضى قال تعالى واتقوا يوما لا تجزي أي لا تقضي وجمعها الجزى بكسر الجيم مثل لحية ولحى وشرعت في السنة الثامنة وقيل التاسعة من الهجرة واصطلاحا ما أشار إليه المصنف بقوله مال إلخ قوله أي يجعله الإمام فلا يصح من غيره بغير إذنه إلا أنه إن وقع يمنع القتل والأسر وحينئذ فيرد لمأمنه حتى يعقدها معه الإمام أو نائبه قوله ولو قرشيا أي فتوخذ الجزية منه على الراجح قال المازري إنه ظاهر المذهب ومقابله ما لابن رشد لا تؤخذ منه إجماعا أما لمكانتهم من رسول الله أو لأن قريشا أسلموا كلهم فإن وجد منهم كافر فمرتد وإذا ثبتت الردة فلا تؤخذ منه بل يجري عليه أحكامها قوله لا صبي ومجنون فإن بلغ الصبي أو عتق العبد أو أفاق المجنون أخذت منهم ولا ينتظر حول بعد البلوغ أو العتق أو الإفاقة ومحل أخذها منهم إن تقدم لضربها على كبارهم الأحرار الذكور العقلاء حول فأكثر وتقدم له هو عندنا حول صبيا أو عبدا أو مجنونا قوله قادر على الأداء أي ولو بعضا فلا يؤخذ منه إلا ما قدر عليه وهذا القيد لا يلتفت له إلا عند الأخذ لا عند الضرب فالأولى حذفه من هنا وسيأتي التنبيه عليه قوله ونحوه أي كشيخ فان أو زمن أو أعمى والمراد بالراهب الذي لا رأي له لأنه هو الذي يترك وإلا قتل ولا يبقى فالراهب لا تضرب عليه جزية مطلقا بل إما أن يقتل إن كان له رأي معهم أو يبقى بغير جزية قوله يصح سباؤه بالمد أي أسره قوله لعدم صحة سبيه هذا التعليل فيه نظر بل متى نقض العهد وقاتلنا صح سباؤه فقول الشارح فلو حذف قوله لم يعتقه إلخ ما ضر لا يسلم بل الحق مع المتن والقيد لا بد منه كما أجمع عليه خليل وشراحه فليس كل من يصح سباؤه تضرب عليه بل تنخرم القاعدة في