مفاهيم العولمة ومفرداتها عند دراسة ظاهرة العولمة وما يتصل بها من قضايا، ينبغي التمييز بين عدة مفاهيم. المفهوم الأول؛ والذي يتبادر إلى الذهن عند مناقشة أبعاد الدعوة الإسلامية ورسالة الدين بخاصة، هو مفهوم "عالمية الدين" وضرورة التفكير العالمي وحمل هموم إصلاح العالم بأسره من قبل المتدينين والقادة الدينيين. ويتمتع هذا المفهوم بمكانة مميزة في الديانة الإسلامية على وجه الخصوص. ذلك أن الإنسان مخلوق لا يتمكن وبدوافع فطرية قوية من حبس نفسه داخل قضبان الزمان والمكان، بل يسعى دائماً إلى تحرير نفسه وتصوراته من هذين القيدين. الظمأ الشديد الذي يستشعره الإنسان للسير في آفاق الطبيعة والتأريخ كمصدرين مهمين للمعرفة، على امتداد تأريخ الحياة الإنسانية على الكوكب الأرضي، يمثل مؤشراً صريحاً لهذه الفكرة. وبما أن الدين يصرح بانبثاقه عن الفطرة الإنسانية وتلبيته حاجات الإنسان الفطرية، فمن الطبيعي أن تكون رسالته ذات طابع عالمي على الدوام. ونظراً لخاتمية الدين الإسلامي وضرورة تلبية كافة الحاجات البشرية بصرف النظر عن كوابح الزمان والمكان، تكتسب الفكرة المذكورة معنى أنصع وأوضح بالنسبة لهذا الدين. وثمة العديد من الآيات والروايات تشير إلى هذا المعنى، منها: "قُل يا أيُّها النَّاسُ إنِّي رسولُ اللهِ إليكُم جميعاً.." - الأعراف (158) هذه الفكرة هي التي شجعت المسلمين على مدى عصور الإزدهار الحضاري الإسلامي على السير في آفاق الأرض، وبناء علاقات فعالة مؤثرة مع سائر الأمم والشعوب حتى تمخضت تلك الجهود والعلاقات عن اتساع خارق للإسلام على وجه البسيطة آنذاك، وما تبقى إلى اليوم كذكرى لعهد الجد والجهاد يعد أرضية خصبة ومعطاءة يمكن للمسلمين استثمارها في عصرنا الراهن للتعاطي البناء مع كل العالم. أما الإصطلاح أو المفهوم الثاني الذي تشكل خصوصاً في الحقبة المعاصرة، وتطرق تدريجياً إلى أدبيات شتى الصعد المعرفية، فهو مصطلح Globalization الذي اقترحت له في اللغة