الغزو والهجوم الأميركي البريطاني للعراق وفرض الهيمنة واحتلال هذا البلد الإسلامي دون موافقة مجلس الأمن الدولي، والرفض وحالات الاستنكار الشديدة من قبل مختلف الدول وإجماع غالبية الرأي العام العالمي في هذا الصدد؛ يدلل على أن ظاهرة ما يطلق عليه بالعولمة، وتحويل النظام الدولي المعاصر إلى نظام عالمي، ما هو إلاّ ضرب من الخيال ليس إلاّ.. لقد أثبتت تجارب العقد الأخير وما نشهده اليوم، الحركة المضطربة لعولمة السلطة والثروة والقيم، التي تميز التحولات والتغييرات في عالمنا المعاصر بنوع من نزعة الهيمنة تختلف عما كانت عليه في القرن الماضي. لقد أظهرت الحرب الأنكلو أميركية المتفردة في العراق وجود مؤشر لتيار آخر أيضاً نلحظه منذ أمد في العالم الإسلامي والتأريخ المعاصر، يمتاز بكونه يتوفر على اتجاهين متباينين؛ الأول هو الصحوة وتعبئة المسلمين والأمة الإسلامية نحو التفتيش عن أنموذج وحدوي تحرري، والآخر تشرذم وتبدد وفرقة دول البلاد الإسلامية. في العديد من البلدان الإسلامية هنالك هوّة متعمقة بين الأمة الإسلامية (الشعوب والمجتمعات) وبين الأنظمة الحاكمة في هذه البلاد والديار الإسلامية، بحيث أنها من حيث العلاقات والصلات العالمية المنبثقة عنها في إطار النظام التقني والاقتصادي والسياسي والثقافي لعالم اليوم، لا تعطي مفهوماً للصلات والعلاقات العالمية والعامة من حيث الانطباع على نحو الإجمال. الموضوع الثاني الذي ينبغي علينا دراسته وبحثه على نحو دقيق هو ظاهرة التجديد الإسلامي على مدى ربع القرن الأخير، لاسيما منذ عهد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وحتى يومنا هذا. وتشتمل هذه الظاهرة بدورها على بعدين أساسيين هما: الأول؛ مقاومة ومقارعة الأمة الإسلامية لتحديث وعصرنة التسلط الغربي، والثاني الجهود والمحاولات في إيجاد نظام إسلامي تخطى نظام الشعب ـ الدولة الحالي، وبعبارة أخرى أن الإسلام والثورة الإسلامية هما المعسكر الوحيد المهم والفاعل الذي انبثق بإزاء الهيمنة والعصرنة الغربية، وأن الإسلاميين والأمة الإسلامية هما الوسط الوحيد والجماعة اللذان يطالبان بشكل جاد بنظام سياسي واقتصادي وثقافي عام. الموضوع الثالث في هذا المفهوم والبحث، هو عالمية الإسلام من حيث ماهيتها.