ـ(152)ـ والتصورات ولم تسر إلى الواقع الموضوعي، حيث إنّ المسلمين جميعاً يتداولون قرآناً واحداً لا فرق بين نسخه المطبوعة في مصر أو إيران أو الحجاز أو بقية الدول الإسلاميّة، وله آلاف الحفّاظ في كلّ إنحاء العالم الإسلامي، وقد تبرّأ المسلمون أنفسهم بجميع مذاهبهم من القول بالتحريف، ومع ذلك تبرز في الساحة الإسلاميّة بين حينٍ وآخر آراء فردية تتهم هذا المذهب وذاك بالقول بالتحريف، ولكنّها لا تجد لها عناية عند جميع المذاهب. والكتب المؤلفة في نفي التحريف عديدة ومتنوعة. وفي بحثنا هذا نسلّط الأضواء على بعض شبهات القائلين بالتحريف، ثمّ الردّ عليها من خلال أقوال العلماء من الشيعة والسنة، إضافة إلى ذكر شهادات الشيعة للسنة والسنة للشيعة التي تنفي القول بالتحريف، وقد راعينا الاختصار في الموضوعات المبحوثة لأن البحوث التي كُتبت في هذا المجال عديدة جداً، ونسأل الله تعالى أن يجمعنا تحت راية القرآن ونحن نواجه أعداءً لا يفرقون في عدائهم بين الشيعة والسنة. معنى التحريف: يقول الراغب: "وتحريف الكلام ان تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين"(1). ويقول الخليل: "والتحريف في القرآن: تغيير الكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه"(2). ويقول الزمخشري: "يحرّفون الكلم عن مواضعه أي: يميلون عنها"(3). ________________________________ 1ـ مفردات القرآن: 112، الراغب الأصفهاني، طهران، المكتبة الرضوية. 2ـ ترتيب كتاب العين: 173، الخليل، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1414 هـ. 3ـ الكشاف 1: 516، الزمخشري، نشر أدب الحوزة.