ـ(36)ـ كشفه وإظهاره مزيد عناية وبذل جهد كثير؛ وهكذا الفرق بين الفَسْر والتفسير، لا يكون تفسيراً إذا لم يكن هناك عناء وبذل جهد في رفع الإبهام عن وجه الآية، وإلاّ فمجرّد ترجمة الألفاظ أو تبديلها بنظائرها في إفادة المعنى لا يكون تفسيراً. ومن ثمّ كان التفسير- في المصطلح- هو: بذل الجهد في رفع الإبهام عن اللفظ المشكل، فلابدّ هناك إشكال في اللفظ قد أوجب إبهاماً في المعنى، فيبذل المفسّر عنايته برفع ذلك الإبهام ودفع الإشكال، حسبما اُوتي من حول وقوّة وما تهيّأ لـه من أدوات التفسير وأسبابه. والتفسير- في ماهيته- على نوعين: أثري ونظري؛ ويعني الأول: التفسير بما ورد من آثار الأقدمين من أقوال وآراء حول تبيين الآيات الكريمة، في مثل أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وأقوال صحابته المرضيين وآراء التابعين لهم بإحسان، مضافاً إليها ما ورد من روايات أهل بيته الطاهرين، وهذا ما يسمّى بالتفسير بالمأثور أو التفسير النقلي. وهذا قد يكتفي بذكر الأثر مجرداً عن أيّ نقد أو بيان، كما دأب عليه جلال الدين السيوطي في تفسيره "الدر المنثور"، والسيد هاشم البحراني في "البرهان"، والعروسي الحويزي في تفسير "نور الثقلين". والآخر ما يصحبه البيان والنقد أحياناً، كما نجده في تفسير "جامع البيان" للطبري، وتفسير ابن كثير، وتفسير الصافي للفيض الكاشاني و"كنز الدقائق" للمشهدي. والنوع الثاني من التفسير، هو التفسير الاجتهادي، المبتني على إعمال الرأي والنظر في فهم معاني القرآن الكريم. وللاجتهاد في التفسير أُسس ودعائم عليها ترسو قواعده وتبتني أُصوله، على ما شرحه الراغب في مقدمته في التفسير وسنشير إليها.