ـ(494)ـ المقصود بالمعجزة، وهو الأشبه. وأمّا ما كان من المعاصي القولية والفعلية التي لا دلالة للمعجزة على عصمتهم فيها... ما ليس بكفر، فإمّا أن يكون من الكبائر أو ليس منها؛ فإن كان من الكبائر فقد اتفقت الأُمّة سوى الحشوية، ومن جوّز الكفر على الأنبياء على عصمتهم عن تعمّده من غير نسيان ولا تأويل.. وأمّا إن كان فعل الكبيرة عن نسيان أو تأويل خطأ فقد اتفق الكلّ على جوازه سوى الرافضة، وأمّا ما ليس بكبيرة فإما أن يكون من قبيل ما يوجب الحكم على فاعله بالخسّة ودناءة الهمّة وسقوط المروّة، كسرقة حبّة أو كسرة فالحكم فيه كالحكم في الكبيرة، وأمّا ما لا يكون من هذا القبيل كنظرة أو كلمة سفه نادرة في حالة غضب، فقد اتفق أكثر أصحابنا وأكثر المعتزلة على جوازه عمداً وسهواً خلافاً للشيعة مطلقاً وخلافاً للجبائي والنظام وجعفر بن بشر في العمد"(1). ومن الطريف جدّاً ذكر هذه التخرّصات التي تفوح منها رائحة الاستحسان والاستدلالات العقلية والذوقية، بينما يعترف بعدم جدوى العقل لأنّه مبنيّ على التحسين والتقبيح الممنوعين، وعلى كلّ حال إذا أخذنا هذه المباني وأجريناها في ساحة أصول الفقه أيضاً، فلا بدّ أن نضيّق إطار السنّة بما دلّت المعجزة على صدقه ورفع اليد عن حجّية قول النبيّ وفعله وتقريره مطلقاً. ثمّ لا أدري أيّ ضابط يحدّد لنا مدلول المعجزة على صدقه من غيره، كي يميّز بين الحجّة وغيرها من أقوال النبيّ وأفعاله وتقاريره صلّى الله عليه وآله وسلّم. ولكنّ كثيراً من الفقهاء قد غفلوا أو تغافلوا عن هذه المباني في أصول الفقه ومجال الأخذ بالسنّة، وهذا الذي يؤاخي المسلمين ويواكبهم ويوحّد صفوفهم في الأخذ بالسنّة مطلقاً والاقتداء به صلّى الله عليه وآله وسلّم كقدوة عُليا. ولكن الآمدي حاول تبرير الأخذ بالسنّة بأوسع ممّا تقتضيه هذه المباني الكلامية، فقال عند محاولة إثبات الحجية لأفعال النبيّ غير القربية: "أما إذا لم يظهر منه _______________________________________ 1 ـ الأحكام للآمدي 1: 156، 157.