بسم الله الرحمن الرحيم إن استظهار ما يعرفه أهل الاختصاص من أهل العلم، واجب مقدس، نابع من فهم العلماء الأجلاء، لقول الرسول(صلى الله عليه وآله): “من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين”. وتأسيساً على أنه ليس ثمة علم من العلوم عنى به العلماء عناية تامة، وعلى توالي القرون من أبعد عهد في الإسلام وإلى يومنا هذا، مثل عنايتهم (بالفقه الإسلامي). فالنبي(صلى الله عليه وآله) كان يفقه آل بيته وزوجاته وأصحابه في الدين، وكان(صلى الله عليه وآله) يدربهم على وجوه الإستنباط حتى كان نحو ستة من أصحابه(رض)، يفتون في عهد النبي(صلى الله عليه وآله). وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى استمر الصحابة على التفقه على هؤلاء، ولهم أصحاب معروفون بين آل البيت والصحابة والتابعين في الفتيا. فالمدينة المنورة (على ساكنها أفضل الصلاة والسلام) هي مهبط الوحي ومقر آل بيت رسول الله، وجمهرة الصحابة إلى آخر عهد ثالث الخلفاء الراشدين، وقد عنى كثير من التابعين من أهل المدينة، بجمع شتات المنقول عنهم من الفقه والحديث حتى كان للفقهاء السبعة من أهل المدينة منزلة عظيمة في الفقه، وكان سعيد بن المسيب يسأله عبدالله بن عمر(رض) عن أقضية أبيه، وتقديراً من ذلك الصحابي الجليل، لسعة علم هذا التابعي الكبير بأقضية من سبقوه. ثم انتقلت علوم هؤلاء إلى شيوخ مالك من أهل المدينة، فقام الإمام مالك بجمعها وإذاعتها على طلاب العلم والمعرفة، فنسب المذهب إليه تأصيلاً وتفريعاً.