بسم الله الرحمن الرحيم ورقة بحث لندوة "الصحوة الإسلامية، آفاقها المستقبلية، وترشيدها" المداخلة تتعلق بالمحور الثاني، وهو: ترشيد الصحوة لتحقيق الأهداف المنظورة وعنوانها: آليات ترشيد الصحوة الإسلامية لتحقيق الوحدة الإسلامية الدكتور مصطفى باجو كلية الشريعة والقانون مسقط. سلطنة عمان تمهيد حول واقع الصحوة الإسلامية اليوم: لا يختلف اثنان حول أزمة الأمة الإسلامية اليوم، وهي تمر بأحلك فترات تاريخها، بما منيت به من هزائم على جميع الأصعدة، ومن أبرزها الميدان الحيوي المتمثل في الانهزام السياسي والتخلف العلمي، والاقتصادي. ورغم ما تتمتع به من مظاهر الاستقلال والسيادة، وبوادر التطور ووفرة مؤسسات التعليم والبحث، وما تزخر به من طاقات مقتدرة في مختلف صنوف المعرفة الحديثة، من تكنولوجيا وإعلام واقتصاد وطب وهندسة، فإن وضعها ليس على ما يرام، إذ لم تستفد من هذه القدرات والإمكانات المتاحة لها، مادية كانت أم معنوية إلا استفادة يسيرة، وظلت في معظم المواقف خارج الأحداث، لا تؤثر في الآخرين بل تتأثر بهم وتنقاد، وكأن ليس لها غير ذلك من خيار، ولا قدرة لها على اتخاذ قرار. ومن جهة أخرى تبرز أمامنا ظاهرة إيجابية تسّر كل حريص على مصلحة الإسلام والمسلمين، ألا وهي ازدياد اهتمام الجيل الجديد بهويته وأصالته، وحرصه وسعيه الدؤوب لإعادة الارتباط بجذوره التاريخية، يأوي إليها ويحتمي بها لمقاومة حملات التشويه والتشكيك، والتزييف والتحريف التي تناله في عمق وجوده الفكري والحضاري، وتقرع سمعه وبصره صباح مساء. وتملأ مظاهر الالتزام بأحكام الإسلام مختلف بلاد العالم حتى في عقر ديار الكفر، حيث يعيش أبناء المسلمين في أتون الفتنة ولهيبها، بيد أنهم يجدّون السعي حثيثا للعودة إلى المنابع والتمسك بالأصالة وقيم الإسلام، مهما تناءت بهم الديار وتباينت بهم المواقع، وهذا أمر محمود أزاح عن النفوس عقدة النقص من الانتماء إلى هذا الدين الحنيف، أيام كان الدين سبة حتى داخل بعض البلاد الإسلامية، حين كان المثقفون والنخب المتحكمة ينظرون إليه نظرة شزراء، ويعزون إليه ما أصاب المسلمين من شقاء، وفي مشجبه تعلق كل ما نالهم من شر وبلاء، وتخلف واستعمار. ولكن لا يذهب بنا التفاؤل بعيدا، فإن مظاهر الصحوة أيضا قد تقلص ظلها عن كثير من مواقع كان قد اكتسبها قبل سنين خلت، ويرجع ذلك لظروف قاهرة أناخت بكلكلها على الساحة الفكرية والثقافية، والعلمية والسياسية في العديد من بلاد المسلمين. ومن أبرزها الحملة الإعلامية الشرسة التي زادت ضراوتها في السنين الأخيرة على كل ما يمت إلى الإسلام بصلة، فانهالت بطوفان من المادة الإعلامية المدروسة بخبث ودهاء، لتشويه صورة الإسلام في النفوس، وتقديمه على أنه الخطر الأكبر الذي يتهدد الديمقراطية الغربية، ويسعى لتحطيم الرفاه الذي حققته الحضارة الغربية للإنسان طيلة عدة قرون. وقد اتجه التركيز على خطر الإسلام بعد التخلص من خطر الشيوعية، وتحطيم معقلها المتمثل في الاتحاد السوفياتي. وتحويل أتباعها وجهتهم صوب المعسكر الغربي، وسعي رائدة النظام الرأسمالي، الولايات المتحدة لتحطيم كل استقطاب آخر للعالم عن محورها وفلكها، فكان تقويض أنظمة عديدة في العالم، تهاوت متوالية دون عناء كبير. ولكن الإسلام ظل ماردا يتحدى، وعنيدا يقول: لا، بملء فيه، رغم ما أصاب أهله من نكسات ونكبات، وتناحر داخلي وتآكل سياسي واقتصادي أحال دول المسلمين طوائف يكيد بعضها لبعض ويستعين بالعدو على بعض. مجددين عهد ملوك الطوائف في الأندلس، ومرددين قولة الشاعر الحزين: مما يزهدني في أرض أندلس ألقاب معتمد فيها ومعتضد ألقاب مملكة في غير موطنها كالهرّ يحكي انتفاخا صولة الأسد. لهذه الأسباب وغيرها كانت انتكاسة خطيرة تمثلت في انحسار مدى الصحوة الإسلامية، وتباطؤ مسارها، فكان مِن أتباعها مَن افتُتن ببهرج الدعاية الغربية المكثفة، فتنكروا للمبادئ، وانساقوا وراء المطامع، واستزل إبليس قلوب بعض من هجر سبيله، وعادت حليمة إلى عادتها القديمة، وثمة نماذج عديدة لهذه الانتكاسة، وليس من الحكمة التسمية، فضلا عن كون المقام غير مناسب لذلك، ونظرة عجلى على الواقع تكشف عن هذا الارتداد، وتبيّن مدى التراجع الخطير في مستوى الالتزام بالصحوة والوفاء بتكاليفها، والصبر على لأوائها، والإصرار على استمرار مسيرها. بناء على هذه المعطيات اقتضى الأمر دراسة أسباب هذا التقهقر والسعي لإعادة الخط البياني لمسار الصحوة في خطه المتصاعد، وانتشاله من الوهدة التي انتكس فيها في الفترة الأخيرة. كما كان لزاما دراسة بعض الانحرافات التي صاحبت هذه الصحوة متمثلة في التسرع والاستعجال في ترقب النتائج، ومحاولة قطف الثمار قبل أوان نضجها. ومن تلك الأخطاء أيضا ما صاحَبَ الصحوة من مشاعرَ جياشة، وانبهار كبير بموروث التراث الإسلامي برمته، ومحاولة إسقاطه على أرض الواقع، بقضه وقضيضه، دون مراعاة لفقه الواقع وفهم النصوص، وتمييز المعصوم منها عمّا كان اجتهادا بشريا محدودا بظروف الزمان والمكان. ووجدنا في تلك الصحوة انشغالا بالجزئيات عن الكليات، وبالظنيات دون القطعيات، وبنقاط الخلاف دون مواطن الاتفاق، وإهمال مرتكزات التوحيد ومسائل الإجماع. ورافق تلك الصحوةَ غفلةٌ عن مكايد العدو، مع استجابة عفوية للمثيرات على نمط تجربة بافلوف، فضاعت جهود مباركة وأعمار ثمينة في ردود الأفعال، والاستجابة للاستدراج، ووقع كثير من العاملين في صف الدعوة في شَرَكٍ أُحْكِمَ نسجه من قبل دهاة عرفوا مواطن الضعف في نفس وعقل المسلم، ودفعت الأمة بعد ذلك ضريبة باهظة، كلّفت أموالا وأرواحا غالية، وتأخرت بذلك الصحوة زمنا طويلا قد يقدر بعشرات السنين. وما يقع في بعض البلدان الإسلامية اليوم أمر لا بخفى على ذي عينين. علاج مواطن الضعف في الصحوة الإسلامية: إن استقصاء مواطن الضعف في الصحوة الإسلامية، ودراسة أسبابه دراسةً مستوعبةً مهمة بالغة الصعوبة والحساسية، كما أنها عمل يتجاوز جهود الفرد الواحد، وهي في مسيس الحاجة إلى مسح شامل يستقصي مظاهر الضعف ويدرس أسبابه الخاصة المحلية والدولية، ليتمّ بعد ذلك تحديد السبيل الأنجع لعلاج المشكل. بيد أن القواسم المشتركة في هذا الخلل تكاد تكون متطابقة، أو هي متشابهة في معظم الأحيان، وقد أشرنا إلى بعضها فيما سلف. ويهمنا هنا توجيه الاهتمام وتركيزه إلى توصيف آليات علاج هذا الخلل سعيا لترشيد الصحوة حتى تواصل مسارها وتؤدي دورها في بعث الأمة من مرقدها، لتعود إلى موقعها في رياة البشرية، وتحقيق الشهود الحضاري كما أراده منها وكلفه بها رب العزة في محكم التنـزيل: )وكذلك جعناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا([سورة البقرة:]. ونحسب أن آليات العلاج تتركز أساسا على مجالات وميادين تكوين العقل المسلم، وبناء النفس المسلمة، لأنها المنطلق لكل صلاح وخير يرتجى للإنسان، وأقصد تحديدا ميادين التربية والتعليم، والإعلام والاتصال، سواء بمفهومها وأساليبها المعهودة قديما والمتمثلة في المساجد والمدارس والجامعات، أم في المؤتمرات والملتقيات والندوات، أم في وسائلها الحديثة المتمثلة في وسائل الاتصال الحديثة عبر التلفاز والمذياع والحاسوب وشبكة الأنترنت. ومن نافلة القول التذكير بأن حديثنا لا يعدو التنبيه إلى أهمية ترشيد الصحوة من خلال هذه القنوات، ولا يسمح المقام لتفصيل طبيعة هذه القنوات ومفهومها ودورها وأثرها، فضلا عن كون كثير من هذه المسائل من المشاع معرفته، ومن ثقافة العصر التي كفينا أمر بيانها، فاقتصرنا على مكمن الخلل فيها بما يتصل وموضوع الصحوة والوحدة الإسلامية المنشودة. دور مؤسسة المسجد: حين نتأمل واقع المسجد في بلاد المسلمين، وما يقدمه للأمة في علاج أدوائها وتبصيرها بمهمتها، وما يلزمها في حق نفسها، تعَرُّفًا وتواصلا، وتناصحا وتناصرا، وجدنا إجابات متباينة يجمعها قاسم مشترك وهي أن مؤسسة المسجد لا تزال دون مستوى الرسالة المنتظرة منها، والدور المنوط بها بأشواط. هذا دون أن نغمط جهود العاملين المخلصين، في كثير من بيوت الله بما يبذلونه من مساع حكيمة ورشيدة، ويقدمونه من تنوير بالغ الأثر في نفوس المؤمنين، كان له أثر إيجابي في تحقيق الصحوة المعاصرة. ولكن السؤال يظلّ مطروحا بإلحاح، ومتجها إلى قطاع عريض من بيوت الله، أغفل القائمون عليها هذه الرسالة، فنتساءل: أين موقع هذه المساجد من التأثير في الساحة الفكرية الإسلامية كما عهدناه في التاريخ الذهبي للأمة؟ ويرد علينا الجواب واضحا بأن كثيرا من هذه المساجد عطلت رسالتها، واقتصرت على الشعائر التعبدية وهي فرض لا خلاف فيه، ولكنها تخلت عن فروض أخرى لا خلاف فيها أيضا، وتأخرت بدرجات كبيرة عن مواقعها، وفسحت المجال رحيبا للوسائل الحديثة التي احتلت ساحة العقل والفكر في العالم اليوم، وتركت الميدان للفضائيات والإذاعات ووسائل الاتصال الحديثة لتضع بصماتها بارزة في عقل الأمة، وفي الجيل الناشء على الخصوص. والمؤسف أن هذا التقهقر الكمي تبعه تقهقر نوعي، فكان نصيب معتبر من التوجيهات التي يتلقاها فكر المسلمين عبر منابر المساجد بعيدة عن تطلعاتهم، سواء في محتواها أم في طريقة عرضها، إذ تعرض عليهم في قوالب عفّى عليها الزمن، لا تتناسب وأسلوب العصر في التوضيح والبيان، والتحليل والاستدلال. وخطب الجمعة شاهد عيان على هذا الغياب الفاعل للكلمة المؤثرة عن منابر المساجد. وجلّ من يحظى بالاستماع لخطب الجمعة لا يعلق معناها في ذهنه إلا لساعات العشي أو بواكير الصباح. لأن الخطيب لم يعِ فقه التبشير، ولم يدرك أسلوب الحكمة في الخطاب. ولا حجة بعد هذا لرعاة بيوت الله في شكواهم من إدبار الناس عنهم، وتفضيلهم مواطن أخرى أبلغ كلمة وأندى صوتا، وأبعد مدى وأثرا في النفوس والعقول. والأمرّ من ذلك أن تظلّ كثير من المساجد موئلا لتكريس التخلف ونشر الفكر التبريري للظلم الاجتماعي والسياسي، بل وتأزيم التفرقة بين المسلمين فيما يذاع ويلقى من دروس على الناس، وكأنهم يعيشون عصر الفتنة الأولى، إذ نجد في تلك الدروس تردادا لتلك الأحداث التاريخية، وخصوصا أحداث الفتنة الكبرى التي ألقت بظلالها ودخانها الكثيف على علاقات المسلمين منذ الصدر الأول ولا تزال، فكان من الخطباء وأئمة المساجد من يجد متعة في إحياء تلك الفتن، والغرق في أوحالها، ويزج بسامعيه فيها، ثم يلزم الناس نتائجها، وكأنهم المسؤولون عنها والمحركون لأحداثها، والحال أنه لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولسان حالهم يردد قول الله العظيم: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون([سورة البقرة:]. وإن تعجب فعجب حال أولئك الوعاظ يهدرون جهودا كبيرة، وأعمارا ثمينة لهم ولأمتهم في ترداد تلك القصص والدخول في متاهاتها ومحاكمات أهلها، ويضربون صفحا عن مخاطر مصيرية تتهدد مستمعيهم، ويأبون إلا اقتلاعهم من حاضرهم ورميهم في أوحال ماض لا يجنون منه سوى الشوك والحنظل. ولا يكون الحصاد إلا مزيدَ غيبوبةٍ عن الحياة، وتأزيمٍ لأسباب الافتراق، ومحاكاةً للتاريخ في ببغائية بلهاء، تثير شفقة الأعداء قبل الأصدقاء. وترى أحيانا نماذج من هذه المواقف وهذا النمط من الوعظ حتى في أقدس البقاع وأشرف المساجد، وتحار أين وعي هؤلاء الواعظين، وأين فقه الواقع ونظرة التوحيد إلى أمة التوحيد. دور مؤسسات التعليم: أما نُظُم التربية ومناهج التعليم، فهي مربط الفرس، وبيت القصيد في تشخيص الداء ووصف الدواء للوصول إلى الشفاء. بل إن الحديث عن التعليم حديث عن الهم الأكبر في واقع الأمة الإسلامية، فمنذ بواكير النهضة الحديثة كان الحديث عن قضية التعليم حجر الزاوية في أدبيات الحركة الإصلاحية والإسلامية في شتى بقاع العالم، لأنه حديث عن التغيير في الجوهر، ووسيلة بناء الجيل، وبالتالي بناء مستقبل الأمة، منها اتخذ كلّ مصلح ومجدد سبيلا يراها ناجعة لتحقيق إصلاح أوضاع الأمة، ووسيلة ناجعة لخدمة الإسلام وإعادة الشود الحضاري لأمتنا بعد قرون طويلة من التخلف والغياب عن مواقع التأثر ومسرح الأحداث في العالم. وتعتبر قلاع العلم الحديثة متمثلة في المدارس والمعاهد والجامعات من أهم آليات التغيير المنشود في المجتمع المسلم، لذلك انتشرت معالم هدي في ربوع العالم الإسلامي بمختلف اختصاصاتها، وبخاصة معاهد وكليات الشريعة. وأزاء تكاثر هذه المؤسسات بصورة تبشر في ظاهرها بخير، وتعتبر علامة صحية على مزيد الوعي بأهمية هذه الوسيلة لإحداث التغيير المنشود، يظل السؤال الموضوعي قائما: هل قامت هذه المؤسسات بدورها كاملا في تحقيق الصحوة الرشيدة، وتبصير الجيل برسالته، وتعريفه بنفسه وبعدوه، حتى يأخذ العدة ويخوض المعركة بثقة وإيمان، ويستعد لتكاليفها وما يناله فيها من نصب وامتحان؟ إن قراءة مقاصدية لوظيفة مؤسسات التعليم في محيطها الاجتماعي تحدد محل هذه المؤسسات من الإعراب في تحقيق الصحوة الرشيدة لإعادة فاعلية الإسلام في الحياة، وترجمة الأخوة المنشودة بين المسلمين والتفاهم المطلوب بينهم، مهما يكن بينهم من اختلاف الأفهام والقناعات، في إطار ما يحتمله الدين، وتسعه مظلته الواسعة وشريعته السمحة. أما عن واقع هذه المؤسسات فمن العدل القول بأنها تؤدي دورها حسب مستطاعها، وظاهر الحال أن نية القائمين عليها في غالب الأحيان خالصة، تبتغي نصرة الدين وإحياءه والسعي ليتبوأ موقعه في حياة المسلمين، بيد أن افتقادهم للنظرة الشمولية السليمة لحقائق الدين وغاياته كثيرا ما يكون سببا لإجهاض جهودهم واختضار زروعهم، فلا تؤتي أكلها المرتجى. لقد ولدت هذه المؤسسات في محيط فكري مليء بالمتناقضات، يغلب عليه السلبية والانبهار بالحضارة الغربية الغازية، وإن تبنتها قناعات علمية غيورة وحريصة على استرجاع مجد المسلمين، وتحقيق الشهود الحضاري للأمة، وقد تحقق بعض هذه الطموحات في الواقع، غير أن الإنصاف يقتضي الاعتراف بأن الطموح كان أكبر من حجم الطاقات المتوفرة، فلم تواكبه باستمرار كفاءات علمية مقتدرة، تترجمه إلى بناء عملي متناسق البناء، قائم على التصور السليم، والتخطيط الدقيق، والسير الواعي نحو الهدف المنشود، وتسخير طاقات العقل المسلم المستنير لتصحيح أخطاء الفهم والقراءة، لكتاب الوحي ولكتاب الكون على حد سواء. بل أصبح -ولللأسف- بعض المعاهد والكليات الإسلامية مجالا لتكريس الأخطاء، واستنساخ الانحراف الفكري في عديد من الأحيان، وإن لبست لبوس العصرنة، في شكلها الخارجي، من وضع البرامج، وطبع الكتب وإخراجها في مظهر قشيب، وتسمية المكونين بألقاب الرتب العلمية الحديثة، فالواقع المعاصر لهذا النوع من المعاهد والجامعات الإسلامية لا يدعو إلى التفاؤل، للخلل الحاصل فيها؛ إن في مناهجها ومقرراتها، أو في أساتذتها ومؤطريها، أو في طلبتها وباحثيها. ومن أبرز نقط الضعف فيها: غياب رؤية واضحة ومنهج محدد المعالم، وغايات مرسومة من تدريس العلوم الإسلامية. فالمناهج القائمة اليوم في مؤسسات التعليم في العالم الإسلامي عموما تفتقد إلى هذه الرؤية الواضحة والتصور الدقيق للنهضة المنشودة، وأسلوب تحقيقها على أرض الواقع، بل إن كثيرا من تلك المناهج تحمل تفسير الاختلالات والإخفاقات التي مُني بها العقل المسلم، لتكريسها ثقافة النقل الببغائي، وتغييبها وعي العقل في العملية التربوية. ومما زاد الطين بلة انبهار العالم بنتاج حضارة الغرب القائمة على تقديس العقل واعتباره المصدر الوحيد المعتمد والأمين لكل المعارف والعلوم، وتنكرها للبعد الروحي للمعرفة كما تقرر في الفكر الإسلامي. هذه الحضارة التي استطاعت فرض هيمنتها على عالم اليوم، وحملت الناس على اعتناق فلسفتها ورؤيتها للكون والحياة، بما حققته من تقدم باهر في علوم المادة، لاستفادتها من القراءة الواعية لكتاب الكون، غير أنها تعاني ضمورا وانحرافا خطيرا في جانب الروح، لبعدها عن كتاب الوحي، وتخبطها في تجارب فاشلة ومذاهب قاصرة لم يجن الإنسان منها غير الشقاء والضياع. والواقع أن خلل المناهج فتح الباب لخلل أكبر يتحمله الأستاذ الموجّه، هذا الأستاذ المفترض فيه أن يتسم بالموضوعية في تناول القضايا ودراستها، ويترك الباب مفتوحا أمام طلبته للحوار والنقاش، ويتجرد عند التعرض للقضايا الخلافية سواء في مجال الفقه أم العقائد أم التاريخ. غير أنه يفرض وصايته ويلزم طلبته بقناعته، وينصِّب نفسه قاضيا على الأشخاص والأحداث، لا معقب لحكمه، ولا علم فوق علمه. حتى أن من الأساتذة من يفرض حصارا فكريا على طلبته بتحذيرهم من قراءة بعض الكتب التي لا تتفق وقناعاته أو توجهاته الفكرية، وقد يكون ذلك تحت غطاء فتاوى شرعية من التحريم أو التبديع. إن المشكل في هذا النوع من التفكير الإقصائي عند الأستاذ هو الذي يجعله يفرض وصايته على طلابه، ويحذرهم من الاطلاع على المنطق والفلسفة وعلم الاجتماع وغير ذلك من المواد التي يراها تتعارض ومنهج تفكيره، ولا شك أنه تفكير خاطئ لأنه صادر عن قناعة ذاتية، بأنه مالك للحقيقة المطلقة، دون نظر أو استيعاب لما عند الآخرين، وقديما قال الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". إن هذا النوع من التفكير الإقصائي يحمل بذور الصراع أكثر مما يحمل من بذور الوفاق، كما يحمل بين جنبيه عوامل التناقض والفناء، إذ هو فكر يهدم أكثر مما يبني، ويفرق أكثر مما يوحد، ويشتت أكثر مما يجمع، وخطورة هذا التفكير يتجلى في كونه يأخذ طابعا دينيا وعقائديا…([1]). إن المشكل الحقيقي للموضوع يتجلى في منهج التفكير، وأن هذا النوع من التفكير مبني على الذاتية والأحادية والأنانية المفرطة، حيث يرى صاحبه الحق والصواب في جانبه وحده، وبالتالي يُقصي غيره واصفا إياه بالانحراف والابتداع والضلال. ونتيجة لهذا يبقى الصراع داخل كل مجتمع، ويضمر المسلم حقدا على أخيه المسلم، وتسوء ظنون الجميع ببعضهم. ويشتغلون بالتوافه ويستهلكهم الصراع الفكري والتنازع الاجتماعي، والتشرذم السياسي، وينسون القضية الجوهرية، وهي تبليغ الدين ونشر رايته وتعميم خيره للبشرية، وتغيب عن أذهانهم وضمائرهم حقائق الإسلام الكبرى وأصوله العامة، بعد أن استنـزفت جهودهم مسائل جزئية ونزاعات هامشية، يزعمون أنها هي الدين الذي كان عليه الرسول ( وأصحابه من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان. وكل الخطورة أن تصبح مشاتل التربية والبناء منابع لنشر الضغائن والأحقاد ومعاول للهدم، وزرع البلبلة والفوضى في المجتمع عن طريق الطلبة المتخرجين، والذين ستسند إليهم مهمة ريادة المجتمع في المستقبل([2]). دور الكتاب في تعقيد المشكل: يمثل الكتاب الوجه الثاني لدور مؤسسات التربية والتعليم، باعتباره مستودع المعارف والنظريات، ومرجع الأستاذ والطالب لاستقاء الحقائق ومناقشة المسائل، وتحليل القضايا، وفوق ذلك للتعرف على منهج تناول القضايا والوصول إلى الحقائق العلمية الموضوعية كما تقررت عند أهلها، واتضحت معالمها في منهج القرآن الكريم، ومن أهمها النظرة الموضوعية والإنصاف في الحكم واتباع الحجة والتزام الدليل، بعيدا عن الذاتية والعاطفية والتحيز والتعصب وأشباه ذلك مما ترفضه أبجديات الحقيقة العلمية. بيد أن الكتاب في واقعه -على خطره وبالغ أهميته- لم يتناسب في حياده وموضوعيته مع هذه المرتبة التي تبوّأها، فأنتج انحرافات خطيرة في فكر المسلمين، كانت صدى لما استودعه أصحابه من آراء شخصية ألبسوها لباس الموضوعية، ووسموها بالحقيقة العلمية وما هي من الحقيقة ولا من العلم في شيء. والذي يحز في النفس أن بعض هذه المدونات غدا معتمدا أصيلا، وما فيه أمسى حقائق منـزهة عن كل نقد أو تمحيص، وتردد صداها في ثنايا الفكر الإسلامي بلا حدود. يقول الأستاذ حسن فرحان المالكي: «ويكفي أن هناك كتبا وأبحاثا معاصرة، لا زالت على ذم أبي حنيفة وتبديعه وتضليله، ولا زال كثير من الحنابلة المعاصرين على تكفير سائر المسلمين من الطوائف الأخرى كالشيعة والمعتزلة، بلا تفريق بين المعتدلين والغلاة، وتضليل سائر الأشاعرة والصوفية، وهم معظم المنتسبين لأهل السنة والجماعة اليوم. ولا زال بعضهم على ذم بعض أئمة أهل البيت البريئين من غلو الأتباع، مع المبالغة في مدح ملوك بني أمية وتبرير مظالمهم»([3]). غياب استراتيجية في البحث والتأليف: مما زاد الطين بلّة، وعقّد من أزمة الكتاب غياب استراتيجية للبحث والتأليف، سواء للكتب العامة أم الكتب الدراسية على مختلف الأصعدة والمستويات، هذا الغياب أدّى إلى عدم رواج الدراسات الجادة في دراسة الواقع الإسلامي المعاصر، وتحليل أسباب الانتكاسة وعوامل النهضة، وتوفير شروط التقريب بين المذاهب، ووجدنا دراسات تحمل شعار الأكاديمية، ولكنها نسخ طبق الأصل للمصادر القديمة في محتواها ومنهجها، ولا جديد فيها غير الشكل والإخراج. ورأينا من الباحثين وخرّيجي الجامعات من حصر فكره على ما في تلك المصادر من قيم ومفاهيم تتبنى رؤى موجهة، وأحكاما مسبقة، تغلو في الجمود حتى تبلغ حد القداسة، فينأى بها ذلك عن القسط والعدل، وبناء الرؤى على النظرة الموضوعية المنصفة، وهي شرط ضروري، وعامل أساسي للتقريب في وجهات النظر، سواء في المجال الفقهي أم العقدي أم الفكري على وجه العموم. وهكذا تحيى المعارك الفكرية والهامشية التي عانى منها المسلمون لعدة قرون، وتهمل قضايا الأمة المصيرية، ويستمر مسلسل التغييب المقصود عن الشهود الحضاري المطلوب. ولذلك فشلت محاولات التقريب بين المذاهب التي شهدتها بعض الدول العربية رغم صدق النوايا، وبذل جهود صادقة من علماء مستنيرين، أهـمّهم ما تعانيه الأمة من ويلات التمزق والتشرذم، فاجتهدوا لتقريب الشقة، وفتح قنوات الاتصال والحوار بين المذاهب، فكان للأزهر فضل السبق إلى ذلك في مناهج تدريسه، ولكن المسيرة تعثرت، ولم تبلغ الغاية المرسومة، بسبب وقوف خصوم الفكرة حجر عثرة في طريق المشروع. ثم تكررت القصة بفصولها مع الموسوعة الفقهية التي تبنتها وزارة الأوقاف بدولة الكويت، إذ انطلقت شاملة المذاهب الفقهية الثمانية، ثم اضطرت تحت الضغوط للاقتصار على فقه المذاهب الأربعة. وسبب هذا الفشل يكمن في النظر بعين الريبة إلى بعض محاولات التقريب بين المذاهب وإزالة الجفوة التي اصطنعتها ظروف تاريخية معينة بين أبناء الأمة الإسلامية، ووصمها بتهم شتى، وأنها لمصالح شخصية أو سياسية، وتجاهل أن تكريس الفرقة وإطالة أمد الجفاء والنـزاع لا يخدم إلا مصالح أعداء الأمة، الذين لا يفتأون يتخذون من اختلافاتنا معولا لهدم كل محاولات النهوض والتقدم في بلاد المسلمين، وفي ذلك أكبر ضمانة لاستمرار هيمنتهم وعلوّهم، وبسط نفوذهم الاقتصادي والفكري والحضاري على المعمورة. ولنأخذ مجالين تمثيلا لهذا الأثر الخطير للكتاب في توجيه الفكر المسلم في المسار غير الصحيح، وهما مجال علم الكلام وميدان التاريخ، وهما بالغا الحضور في الفكر الإسلامي بمختلف مدارسه واتجاهاته: في علم الكلام: من أخطر مسببات الخلاف بين المسلمين كتب العقائد وتاريخ الفرق والمذاهب، ومضمونها يعدّ من صميم المواضيع التي كرست التشرذم ووسعت الهوة، وأقامت جدرا من حديد بين أبناء عقيدة التوحيد. ومردّ ذلك ليس إلى طبيعة القضايا والموضوعات المدروسة في ثنايا هذه المؤلفات، بل إلى المنطلق والرؤية التي يصدر عنها أصحابها، ومن منطلقها كانت تصدر تلك الآثار. وعلى ضوئها تفسر الأحداث وتحلل الأفكار وتصنف الفئات والأفراد. «إن موضوعات أصول الدين قد اختلطت بالفلسفات القديمة ثم بالصراع الفكري داخل العالم الإسلامي، مما أنتج آراء ذاتية لا تمثل مقرارات الوحي الإلهي، وإنما تمثل الصراعات السياسية والاجتماعية يومئذ، وليس من مصلحة المسلمين اليوم إحياؤها وتدريسها. لأنها تسحب الماضي على الحاضر، وتوقف تقدم التاريخ إلى الأمام، بل تعيد تمزيق الأمة من جديد. ولعل هذا هو السر الكامن وراء الدراسات الاستشراقية في جامعاتها في إحياء تلك المقولات والاهتمام بها، والتمكين لها بين المسلمين([4]). والعجيب في الأمر أن هذه الكتب أفرزت لنا مئات المجموعات والفرق في مسار تاريخ الإسلام، استنادا إلى حديث الافتراق، وهو حديث لعلماء الرواية فيه كلام، وكثير من هذه الفرق لا يتعدى مستند تصنيفها رأيا نشازا ربما أبداه رجل عرضا في مجلس أو حديث عابر، وكان من المفترض أن يطويه النسيان، كسائر كلام الناس في كل زمان ومكان، لكنه يصبح بفضل هذه الكتب مقالة لها فرقة وأتباع. على أن ثمة آراء اتسعت وأصبح لها أنصار، كما استغلت السياسة بعضها فأحدثت زلازل في مسار الفكر الإسلامي، وفتنة اصطلى بنارها عدد غير يسير من أعلام الإسلام. ولا أدل على ذلك من قضية خلق القرآن وفتنة الناس بها بتوجيه من المعتزلة في عهد المأمون. وتوزعت المسلمين هذه المصادرُ «وتفرق المنادون بها طوائف متنازعة يكفر بعضها بعضا، ويبدّع عضها بعضا، ويستحل بعضهم دماء بعض. وخرجت العقيدة من وظيفتها التي كان ينبغي أن تؤديها من عبادة الله وحده، ومعرفة عظمته ومحبته وطاعته... إلى عمل فكري محض يورّث القلوب قسوة وشكوكا، والأمة فرقة وأحقادا، حتى أصبحت العقيدة في الأزمنة المتأخرة لا تعني عند الكثير من الناس إلا تتبع بعض المسلمين ما يرونه من المخالفات الفكرية عند غيرهم، مع تناسي الأخطاء الكبيرة لأفكارهم، ثم إتباع ذلك التتبع بالتكفير أو التبديع والتضليل والتفسيق، مع الاستعداء السياسي والاجتماعي!!» ([5]). في مادة التاريخ: لم نستفد في تدريسنا لتاريخنا الإسلامي زبدته المتمثلة في الاعتبار والادكار. وكان من المفروض في مدارج الجامعات، أن يركز في هذا المجال على الاستفادة من التاريخ دون محاكاته ولا تقديسه. لكن الذي حصل هو المحاكاة والتقديس، وتناسي معايير النقد والاعتبار التي وضعها القرآن، ولأجلها أورد قصص الأنبياء والأمم الغابرة في عديد من السور والآيات. والمنطق السليم يلزمنا إجراء عملية فرز للتاريخ، بفصل وقائعه عن مبادئ الإسلام، وعدم اتخاذ الأحداث تفسيرا للنصوص. ورغم أن مكتبات العالم تزخر بآلاف المؤلفات والأبحاث عن تاريخ الإسلام الناصع، وإسهام المسلمين في تطور البشرية في مختلف مجالات المعرفة، وتقديم نماذج عليا في الرقي والحضارة، بيد أن ذلك لم يخرجهم من النفق المظلم الذي دخلوه منذ قرون، لاكتفائهم بمجرد التغني، وقصورهم عن مرتبة التمثل والاعتبار. تمثل المعاني السامية والحقائق الثابتة، والاعتبار بأخطاء الماضي والانحراف عن معالم الإسلام. "فلو تركنا هذا الماضي المشرق بكل ما فيه من حسنات وسيئات وجئنا إلى حركتنا الحاضرة في مواجهة الحضارة المعاصرة والمشاكل المتنوعة الخطيرة التي نعاني منها، نجد أن جهود الفكر الإسلامي فيه، على الرغم من معالجته لكثير من القضايا الحديثة، لا ترتفع إلى مستوى التغيير الحضاري المطلوب، كمًّا وكيفا ومساحة. ولذلك فإن الحديث عن حاضرنا ومستقبلنا غدًا، أهم وأكثر ضرورة الآن من استمرار حديثنا عن ماضينا بكل أبعاده، لسبب واضح، هو أن ذلك الماضي ذهب مع الماشين، ولنا اليوم حاضرنا ومستقبلنا اللذين علينا أن نفكر في جوانبهما ومعضلاتهما، بكل ما برز عندنا وعند غيرنا من تغيير وتطور"([6]). تشويه تاريخ بعض الطوائف وذلك مثل النظرة السلبية إلى الصوفية وأتباعها، وحشرهم في زمرة أهل البدع، والخلط في المفهوم بين الزهد الإيجابي والتصوف الغالي. واعتبارها جميعا خارج الدائرة الصحيحة للإسلام. والإنصاف يقضي أن الصوفية المعتدلة، تمثل الزهد الحقيقي الذي جسده الرسول والصحابة الكرام، وقد أسهمت في نشر الإسلام، والدفاع عن حرماته، خلال الغزو الصليبي لكثير من بلاد المسلمين. وكذلك الحال بالنسبة للإباضية. فهم خوارج رغم أنفهم. ويحمّلون كرها أوزار الخوارج عبر التاريخ، بل وحتى تطرفات المنتسبين لأهل السنة أحيانا، كأحداث الجزائر الأخيرة، التي تحسب عليهم وهم منها براء. ومن الطريف ذكر قصة واقعية لها دلالتها على نمط التكوين الجامعي وتكريسه الفرقة بين المذاهب، فقد التقيت في عمّان في أفريل سنة2001 بدكتور عراقي يدرس التفسير في جامعة بغداد، وجرّنا الحديث إلى مآسي الجزائر، ثم سألني عن وضع الإباضية فيها وضلوعهم في أحداثها، مبررا سؤاله بأن أستاذا زئرا من المغرب ألقى محاضرة ببغداد، ذكر فيها أن ما يجري في الجزائر سببه وجود الإباضية بها، وهم من الخوارج الذين يحملون هذا الفكر ويمارسونه في الواقع. استغربت للسؤال، وأجبته بإيجاز، قائلا: إن الحقيقة على خلاف هذا تماما. والدليل أنه لا يوجد في الجزائر أي إباضي له ضلع من قريب أو بعيد في هذه الأحداث. وهو أمر يعرفه عندنا الخاص والعام. هذا نموذج واقعي لتوارث الأخطاء التاريخية وتفسير الواقع بها، من أناس ينتمون إلى الجامعات ومراكز البحث العلمي، ويفترض فيهم الموضوعية وتحري الحقيقة العلمية، ولكن... دور وسائل الإعلام: مفهوم وسائل الإعلام: مفهوم الإعلام في عصرنا الحديث يشمل كل وسائل الاتصال الجماهيري سواء أكان رسميا من قِبل السلطة، أم خاصا من قبل الهيئات والأفراد، واستعمل كل ما أفرزه التطور التكنولوجي الحديث، وأصبح يحمل مضامين فكرية وثقافية وعقائدية متنوعة، حسب الغاية التي يرسمها القائمون عليه، وإن اشتركت كل وسائل الإعلام الحديثة في سمة بارزة وهي أنها مؤثرة وفاعلة في تشكيل قناعات المتلقي وتصوراته، وتحديد مواقفه، وتوجيه سلوكه. كما تعتبر وسائل الإعلام اليوم من ضرورات الحياة المعاصرة، حتى يستطيع الإنسان فهم الواقع والعالم من حوله، ومواكبة الأحداث. وفقه الحياة من أهم مطالب المسلم لتحقيق مهام الخلافة لله في الأرض، من العبادة والدعوة والتبليغ، والأمر والنهي، والادكار والاعتبار. وتوظيف المعارف المختلفة في تقوية رصيد الإيمان. وكل هذه الحقائق تترسخ في ضمير الطفل ناشئا قبل بلوغ سن الرشد، باستغلال وسائل الإعلام في المسار الإيجابي الباني لشخصية المسلم السوية. ويمكن أن نذكر من بين وسائل الإعلام الحديثة: 1. الصحافة، بمختلف أنواعها من جرائد ومجلات ودوريات. 2. الإذاعة. 3. التلفزيون، بمحطاته المتنوعة. 4. الشريط السمعي البصري، الفيديو. 5. أجهزة الحاسوب، وما تستخدمه من أقراص مدمجة تتضمن برامج متنوعة علمية وفنية وترفيهية. 6. شبكة الأنترنت الدولية. وهي أجهزة الكمبيوتر الشخصية الموصولة ببعضها ضمن شبكة معقدة تتبادل بينها المعلومات والاتصالات بسرعة فائقة تجاوزت حدود القارات، وتخطت حواجز المكان والسياسة والرقابة. وقد اجتهد القائمون على وسائل الإعلام المختلفة في توظيف آخر ألوان التكنولوجيا ونتائج البحث في علم النفس لشد انتباه المتلقي، والاستحواذ على اهتمامه، بالطباعة الراقية ذات الورق الصقيل والصورة الملونة الآخاذة، في الصحافة، والأسلوب السلس والعناوين المثيرة، وكذا بالصوت المؤثر، والصورة الخلابة الساحرة في الإذاعة والتلفزيون، وما يخدم الصورة من ألوان وظلال، وما يصاحبها من موسيقى وأصوات تغوص في أعماق الشعور. في اختيار دقيق وذكي للوجوه السالبة لحرية المشاهد، فيتابعها في سكرة وذهول، ويود لو امتدت لحظات هذا الحلم بلا حدود، ثم تترك هذه المشاهد التي تمتد ساعات طويلة أثرًا بالغا على الكائن البشري الحساس المنفعل بهذه التجربة المثيرة؟ ويشمل التأثير مختلف جوانب تفكير وسلوك الإنسان، في لغته ومهاراته، وقدراته العقلية، وعلاقاته الأسرية، وانفعالاته وصحته النفسية؟ ونفس التغيير أحدثه الكمبيوتر الذي دخل عالم الناس من كل باب، وفرض نفسه خادما أمينا ومساعدا ذكيا للإنسان في البيت والشارع والمدرسة والمستشفى والمصنع، في الحل والترحال، في الأرض والسماء. وأصبح تصور حياة بلا حواسيب ضربا من المخاطرة الخاسرة، أو رجوعا إلى حياة القرون الغابرة. ورغم أهمية هذا الموضوع فإنه لم يوفَّ حقه من البحث، إذ لم تتراكم فيه الدراسات الجادة في المجتمعات الإسلامية بصورة كافية، على خلاف الأمر بالنسبة للغرب. وقد يعود ذلك إلى قصور النظرة نحوه، وعدم احتلاله الأولوية في فكرنا الحديث. وكم هو مؤسف أن العناية بهذا المجال لم تكن متوازية مع التطور المذهل الذي شهدته الوسائل والتقنيات المعاصرة في مجال الإعلام والاتصال الجماهيري، وتوظيفها في ميادين التربية وتوصيل المعلومات، بغية نشر المعرفة الإسلامية بأحسن وأفضل الوسائل التكنولوجية المتاحة. وقد لا يكون لهذه الوسائل المختلفة دور في تأزيم الفرقة القديمة، ولكن لها يدًا في تأريث نار الفتنة بين إخوة اليوم، بنشر التهم التي تشاع وتذاع عن الإسلام، ووصمه بالقصور وبأن أهله لا وعي لهم بالعصر، ولا يملكون نظرة استشرافية واضحة، ولا برنامجا تنمويا محدد المعالم لنهضة أمتهم، أو إنقاذ العالم من مشاكله التي يتخبط فيها كما يزعمون. وبالتالي تترسخ تلك التهم في ضمير بعض قاصري النظر، وعبيد الشهوات فيكسبون كل حين فوجا جديدا إلى حزبهم القائم على إجهاض الصحوة الإسلامية، واستلاب أتباعها بما يقدم لهم من شكوك مؤثرة حول مصداقية الإسلام لحل مشاكل البشرية، وتحقيق المجتمع السعيد المنشود. الإعلام يتجه رأسا إلى الجيل الصاعد يبهره بثقافة الغرب ونمط التفكير الغربي، ويزرع في ضميره أهداف الغرب المادية في الحياة، وأنها بؤرة اهتمام الإنسان التي لا يجوز الغفلة عنها طرفة عين، وتبعا لذلك كان عليه أن يسعى لتحقيقها بأية وسيلة كانت، ولو بالتضحية بالمبادئ والثوابت، وإن تكن مستمدة من المجتمع وقيمه ومعتقده، فلا ضير، ما دامت الغاية تبرر الوسيلة، وأن السعادة تستحق أن يضحى لأجلها بكل غال ورخيص. ويتجه الجيل البريء تحت ضغط هذه المشاعر الجياشة ليقول لكل وافد من الأفكار والقيم من عالم العم سام أهلا وسهلا، ونجد صدى هذا التوجه في شريحة عريضة من أبناء المسلمين، وإن نشؤوا في بيئات يقال إنها محافظة، بيد أن تيار العرف الجارف، وموجه الطامي حطم حدود المحافظة، وألغى تعاليم الأسرة، وفرض قيم الغرب وفكره على نفوس وعقول هؤلاء الشباب. ونتيجة لذلك تجهض كثير من جهود الدعوة المباركة التي بذلها دعاة خيّرون لسقي شجرة الصحوة وتعهدوها بالرعاية والعناية، ثم جاء من اختضر الثمرة وقطفها منهم قبل الأوان. موقع الأنترنت من قضية الصحوة: أما شبكة الأنترنت، فهي تمثل أعتى ثورة للاتصالات عرفتها البشرية في التاريخ، فقد شهد العالم ثورة معلوماتية ازدادت آثارها يوما بعد يوم. وجاءت تكنولوجيا الأنترنت لتدفع بطوفان المعلومات إلى اكتساح كل مناطق العالم. فغدت الأرض قرية كونية، صغيرة، يمكن أي شخص أي يعرف في أي لحظة ما يجري بها، وما تحويه مراكز العلم من تراث العقل البشري عبر القرون منذ بدء الكتابة إلى اليوم. فسقطت بذلك حواجز المكان والزمان، ومعوقات الانتقال والبحث المالية، ووفرت الأنترنت للإنسان مناهل العلم بدون ثمن، حتى أصبحنا نسمع عن جيل الأنترنت الذي ابتلعه طوفانها، واختبأ في مقاهي الأنترنت، وهو في حالة إدمان مقيت. يستهوي هؤلاء الشباب ما يجدونه من متعة في الحوارات والدردشة، وما يغدقهم به الحاسوب من مناظر التسلية واللهو المسموحة والمحرمة، وينسون في خضم ذلك قضيتهم، ويخدر الحاسوب وعيهم، وقد يبلغ الأثر مداه بغسيل مهذب ومستور للمبادئ والقيم، وانسلاخ من الثوابت والتعاليم. هذا عن مواقع الأنترنت بصورة إجمالية، وإذا حددنا المجال في المواقع الإسلامية، التي عليها مناط التغيير، أو هكذا يُنتظر منها، فالأمر لا يبعث على التفاؤل كثيرا، برغم وفرة عدد من المواقع الجادة والهادفة، تسعى في معظمها للتنوير وبث الوعي وتفعيل الجيل بقضيته لينافح عنها ويحمي حماه، أو على الأقل ليتعرف على نفسه ورسالته، ماذا يريد وما يراد منه. وإن إطلالة عجلى على هذه المواقع تعطينا انطباعا قويا بأن كثيرا منها ليس على ما يرام، إذ نجدها تكرس ثقافة الصراع والتآكل الداخلي، وبعضها يعشق التشهير والتجريح، وادعاء احتكار الحقيقة المطلقة حول حقائق الإسلام، وتتبنى الوصاية على الإسلام دينا وحضارة، وتراثا وحاضرا. وتفرض على المسلمين نظرتها الآحادية، وتسعى لإلزامهم بها باعتبارها الحق المفرد، وما سواه خطأ وانحراف وابتداع وضلال. وميزة هذه المواقع ما تتمتع به من حرية مطلقة في إرسال الكلمة دون رقيب ولا حسيب إلا رقابة الضمير وأمانة الكلمة التي تتحلى بها. ونظرا لما تتمتع به شبكة الأنترنت من امتداد غير محدود يشمل كل بقاع العالم، وفتح أبوابها لكل طارق يحسن استعمال أزرار الدخول إلى الشبكة، وهؤلاء لا يحصرهم عدد ولا يحدهم بلد. وهنا يفسح المجال رحيبا للخوض في قضايا الأمة المصيرية والقول فيها، فتغدو القضية بالغة التعقيد، والوسيلة بليغة الأثر على قطاع عريض من المتعاملين مع هذه الوسيلة العصرية الساحرة. كيفية إعادة تفعيل هذه المؤسسات، يتم بإعادة بناء الإنسان المسلم؟ يمكن الحديث عن إعادة تفعيل هذه المؤسسات بتركيزها على مهمة رئيسة تتمثل في إعادة صياغة العقل المسلم، وبناء الإنسان الواعي بقضيته المستبصر بواقعه، المترقب لمستقبله ببصيرة ووعي رشيد. ويمكن الإشارة إلى أسس بناء الإنسان المسلم في النقاط الآتية: 1- وظيفة وحدود العقل المسلم. 2- نمط التفكير، ومنهجية الاستدلال 3- تمثل حقائق الإسلام. 4- منهجية التفكير، التعقل، والاستدلال. 5- منهجية النقد، عدم تزكية السلف في كل شيء، وعدم نقدهم في كل شيء. 6- غربلة التراث الإسلامي من هذه المآخذ التعميمية وإطلاق الأحكام. 7- إعادة قراءة واستيعاب تراث الإسلام بناء على حقائق القرآن. 8- استيعاب سنن التغيير المحددة في القرآن، سواء تعلقت بالنفس أم بالكون والآفاق. آلية الوعي الحضاري: 1- فقه النص. 2- فقه الواقع. 3- فقه النص القديم في ظل الواقع: والفرق بين النص المعصوم ، والنص التفسيري. 4- فقه الواقع المعاصر وربطه بالنص المعصوم، لا بالنص التفسيري. أثر الخلل في فهم تراثنا ومخاوف تطبيق هذا الفهم: قد يتساءل البعض كيف استطاع الإسلام استيعاب حضارات الأمم التي أظلتها رايته، بجوانبها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وصبغها بصبغته المتميزة، دون أن يلغي الصالح منها مما لا يتناقض ومبادئه وكلياته؟. وهل كان العلماء يواجهون تلك الفسيفساء من الوقائع والأحداث بنظر الحافظ المردد لما في النصوص فحسب؟، أم إن ثمة جهدا خارقا بذلوه لفهم الواقع وفقه النص، ثم الوصول إلى حكم صائب يحقق المقصد ولا يقفز على ضوابط النص؟. ثم لماذا عجزنا نحن عن أداء هذه المهمة، وقعدنا دون هذه المرتبة؟ ويظل السؤال يردد باستمرار: هل الخلل يكمن في فهمنا لمصادر التنظير؟، أم في فهمنا لفهم الأقدمين لها؟، أم في فهمنا لعصرنا؟ وهل تنبع مشكلاتنا المعاصرة من تعاملنا مع النص؟ أم من رؤيتنا للواقع، أم منهما معًا؟([7]). وكيف يمكننا الخروج من مأزق الخلافات التناحرية بين المسلمين، ونعيد لهم وحدتهم، واستمساكهم بأصول الدين؟ أسئلة عديدة تلح وتنتظر الجواب الشافي والخطوة العملية، للخروج من نفق الصراع المدمّر الذي أتى على بناء الأمة، وأنهكها، وبدد طاقاتها في صالح المتربصين، ورسخ معتقد الكثير من المخطئين الذين يرون أن الدين سبب الفرقة والانقسام، وأن طريق الوحدة يتحقق بالتفصي من الالتزام بقيود الدين وما يحمله من تشريعات وأحكام. إن ثمة جمهورا عريضا من المسلمين يعتقدون أن الرجوع إلى الإسلام، سوف يحمل بذور الصراع الديني، وحروبه الخطيرة، وسوف يعود بنا إلى عصر العمائم وتحكم أصحاب الرواية والنقل الببغائي في مصائر الناس، ويجدد عهد الجدل الكلامي العقيم بين الفرق والطوائف، من سنة وشيعة، ومعتزلة وأشعرية، وإباضية ومالكية، وقادرية وتيجانية، وتقوم سوق الخصام بين أنصار الجلباب وخصومه، وتحيي من جديد معركة النقاب، وتحرم الرياضات والألعاب، وتغلق دور المسرح ونوادي الهواة، وتظلل غشاوة قاتمة مناحي الحياة. وبعض هذه المخاوف نتاج منطقي له مبرراته، من سلوك بعض المنتسبين إلى الإسلام، والداعين إلى تطبيقه في واقع الناس، وافتقاد النظرة المستقبلية الراشدة، لدى فئة غير قليلة من المختصين –وهم خريجو الجامعات والكليات الإسلامية، لفقدهم النظر إلى الأمام واستشراف المستقبل، بل ظلوا منكفئين على اجترار التراث برمته، دون تمييز بين الوحي المعصوم، وتفسير البشر القاصر، ولا بين الثابت فيه والمتغير، يسقطون كل ما تقع عليه أعينهم منه على الواقع في فتاوى معلّبة مستهلكة، لم تعد صالحة لزماننا بعد أن تبدلت الظروف والأحوال، وإن ألبسوها لباس العصر، ونشروها في الأنترنت وعبر الفضائيات. الخاتمـــة: إن رحابة الأفق العلمي وسعة الاطلاع أمر بالغ الأهمية في تحقيق الصحوة المنشودة، وتجديد وحدة المسلمين المفقودة. ومن المعلوم أنه كلما اتسعت ثقافة الإنسان، كان أدرى بأسباب الفشل وعوامل النجاح، وتوجه إلى الحوار بثقة واعتزاز، ودخل حلبة النقاش بروية وأناة. وتلك شروط ضرورية لعلاج مشكل الصحوة ورصد آمالها المستقبلية القريبة والبعيدة. وكلما اتسعت دائرة معارف الإنسان أيضا قلّّّت نزعة التعصب عنده، وغدا مستعدًّا لتقبّل الآراء المخالفة، وتحرر من ربقة الانغلاق الفكري، ورفض الآخر، وتلك خطوة لازمة لإيجاد ذهنيات متفتحة، وعقليات علمية مقتدرة تحقق التفاهم بين المسلمين، على أسس الحوار الحضاري، المستنير القائم على ركائز الخلق الرفيع من التواضع والإنصاف، وحسن الظن، وسعة الصدر، واحتمال العذر، وفق تعاليم القرآن ومبادئه السامية. بهذا وحده يمكننا فتح السبيل لمراجعة متأنية لمسار صحوتنا، وتملّي آثارها ونقدها وتمحيصها بحثا عن جاد ومفيد يكتسب، وضار وهادم يجتنب. ورائدنا في ذلك التزام الموضوعية، وفق موازين القرآن الصريحة والسنة الصحيحة، وتمييز الغث من السمين، والعدل في إصدار الأحكام وفق الدليل، ولو على أقرب الأقربين. كما يلزمنا من باب نقد الذات ومراجعة المسيرة، والبدء بالأقربين فتح حوار اختياري داخلي بين المسلمين، يكون تدريبا على حوارات مفروضة بين المسلمين وغيرهم، سواء من أصحاب الديانات الأخرى، أم من المنتسبين للإسلام ممن استهوتهم حضارة الغرب وفكره، فتعلقوا بها وتنكّروا لأصالتهم ومبادئ دينهم، وانسلخوا من جلدتهم تماما، وغدا بعضهم معاول هدم في صرح الأمة الفكري والثقافي، متخذين من الانغلاق والمصادرة وسوء الظن، وضيق الأفق لدى عقول أبناء الأمة ذريعة وحجة لرمي الإسلام بكل نقيصة، والتفلت من إساره، إلى رحابة الفكر المتحرر القائم على النقد والحوار، كما يدعون. فكان لزاما علينا امتلاك «نظرة استشرافية للمستقبل ونفكر في الإلحاد القادم، وعقيدة إبطال النبوات والتنصير والعَلمانية، فهذا هو الفكر الذي يجب محاصرته وإعداد الدراسات والبحوث حوله لحماية أبنائنا منه»([8]). وضرورة مثل هذه الأبحاث تأتي من قطعيات الأدلة الشرعية التي تأمر بالوحدة والتناصح والتعاون على البر والتقوى، وتأتي من مقتضيات عصرنا الذي تكالبت فيه علينا الأمم، فنحن أحوج ما نكون إلى معرفة حق الإسلام لجميع المسلمين، ومعرفة بعضنا معرفة صحيحة سليمة، بدون اختلاق مطاعن، أو مبالغة في ذم أو تجريح، أو إطراء ومديح. وعندها يمكننا إعادة توظيف التراث بما يجدد مسار الصحوة المباركة، ويعيد البناء الجماعي لحضارة الإسلام من جميع أبناء الإسلام، بكل ثرائهم الفكري الذي تحتضنه مظلة الإسلام، وتحتمله نصوص القرآن وسنة الرسول عليه السلام، وتستهدفه مقاصد التشريع وكليات الدين. حينها نكون قد خطونا خطوة مباركة تتلوها خطوات، وسقينا قطرة يعقبها غيث يحيي الأمل في النفوس، ويَعِدُ بشمس وحدة تشرق على ديار الإسلام بعد طول ظلام. رغم صعوبة المسار، وخطورة الهزات الارتدادية المنتظرة، لكنها عقبات لا تثني عزيمة الصادقين الموقنين يصواب المسير، وحتمية المصير، لإحياء الرشاد في الفرد والأمة على السواء. دكتور مصطفى صالح باجو مسقط يوم صفر الخير 1425هـ / 5 أبريل 2004م ـــــــــــــــــــــــــــ مصادر البحث: 1. المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وجمعية البحوث والدراسات الإسلامية، كتاب مؤتمر علوم الشريعة في الجامعات، عمّان 16-19 ربيع الأول 1415هـ/23-26 آب 1995م. وقائع المؤتمر، تحرير: د. فتحي حسن ملكاوي، و د. محمد عبد الكريم أبوسل. نشر: جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، عمان، ط1، 1415هـ/1995م. 2. محسن عبد الحميد، تجديد الفكر الإسلامي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، سلسلة قضايا الفكر الإسلامي، 10. ط1، 1416هـ/1996م. 3. محمد الخضري، تاريخ التشريع الإسلامي، المكتبة التجارية الكبرى بمصر، ط4، مطبعة الاستقامة، 1353هـ/1934م. 4. محمد أبو زهرة، تاريخ المذاهب الإسلامية، 5. عبد الرحمن بابكر، البرامج التعليمية ومشكلة غياب الانسجام بين المواد في معاهد العلوم الإسلامية، محاضرة ألقيت في الملتقى الدولي حول طرق تدريس العلوم الإسلامية،ـ الواقع والآفاق-. المنعقد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية. قسنطينة. 6. ولي الله الدهلوي، الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف، دار النفائس، بيروت، ط2، 1398هـ/1978م. حسن بن فرحان المالكي، قراءة في كتب العقائد، مركز الدراسات التاريخية، الأردن. -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ عبد الرحمن بابكر، البرامج التعليمية ، بحث مرقون بحوزة الباحث. [2] ـ عبد الرحمن بابكر، البرامج التعليمية ، بحث مرقون بحوزة الباحث. [3] ـ حسن فرحان بن حسن المالكي، قراءة في كتب العقائد، ص14.. [4] ـ انظر: كتاب مؤتمر علوم الشريعة في الجامعات، محاضرة الدكتور محسن عبد الحميد، العلوم الإسلامية وحياتنا المعاصرة، العقائد الإسلامية والتفسير. ص235. [5] ـ محسن عبد الحميد، تجديد الفكر الإسلامي، ص21. [6] ـ محسن عبد الحميد، تجديد الفكر الإسلامي، ص166. [7] ـ انظر: كتاب مؤتمر علوم الشريعة في الجامعات، محاضرة الدكتور طه جابر العلواني، "العلوم النقلية بين منهجية القرآن المعرفية وإشكالية عصر التدوين"، ص83. [8] ـ محسن عبد الحميد، تجديد الفكر الإسلامي، ص16.