مشاكل المسلمين اليوم وحلها مولانا حسن جان([1]) أـ مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وقائد الغر المحجلين، نبينا ومولانا محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين وأصحابه نجوم الهداية والإيمان واليقين. أما بعد: فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم . قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. يسعدني في هذا المؤتمر الكبير، وحفلة المنتخبين من علماء الأقطار الإسلامية؛ للبحث حول مشاكل المسلمين اليوم وحلها، أن أتحدث إليكم في هذا الموضوع مختصرا، وأساهم في هذا لميدان وأتشرف بلقائكم والاستماع إلى مقالاتكم القيمة النافعة. فبارك الله تعالى في هذا الاجتماع المبارك، وفي حياتكم، لصالح المسلمين، وأهله. أيها السادة الكرام! يقلقني جداً كما يقلق كل مسلم واع آلام المسلمين اليوم، والأخطار المحدقة بهم من كل صوب، وناحية، ومن داخلهم والخارج، فلم يمر على المسلمين في تاريخهم المجيد مثل ما يواجهونه اليوم؛ مع كثرة عددهم ما يبلغ حوالي ألف وأربعمائة مليون نسمة على وجه المعمورة، وقلة أعدائهم في ذلك، وتوفر المعادن عندهم وخاصة البترول وهو الذهب السيال، وما إلى ذلك وأهمية بلادهم ودولهم حسب المواقع في وسط العالم تقريبا. فإن الجمهورية السوفياتية تقع في الشمال وأوربا في جهة الغرب، والهند والصين في الشرق، وأمريكا على صفحة الأرض الأخرى، والعالم الإسلامي في أهم المواقع وأخطرها. والطرق البحرية في مناطقهم كنهر السويس مفتاح البلدان والبحار، ونهر دانيال وسط تركيا وجبل الطارق، وممر عدن، والخليج وطرف البحر الأپيض الجنوبي، وغيرها. والمسلمون وعساكرهم يؤمنون بالجهاد، والتضحية في سبيله، بكل ما لديهم من النفس والنفيس، وفي الجبال والصحارى والبحار، وفي البلاد الحارة والباردة، وأعدائهم لا يقدرون على المقاومة في بعض ماذكرنا. ومع هذه النعم الجليلة، هم اليوم في نقم وآلام مبكية مخزية. فالأحداث العظيمة اليوم فيهم، والبلاء نزل عليهم من قبل الاستعمارين: الغربي، والشرقي، وخاصة من قبل العيون الزرقاء أصحاب ولايات المتحدة، وأعوانهم، في أفغانستان والعراق وفلسطين وقبرص، وارتيريا، وكشمير، وبوسنة، وهرسك، وغيرها من المناطق والبلاد الإسلامية. فيا للأسف للمسلمين عامة وويل للعرب خاصة، فما حل هذه المشاكل والمصائب؟ يقول أحد الكتاب الإسلاميين المهتمين بقضايا المسلمين: رأيت في منامي سيدنا الخليفة الأول أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أول من حارب المرتدين، وردهم إلى حوزة الإسلام ودافع عن الإسلام حقا وأصبح مصداقا أوليا لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) رأيته في المنام وعرضت عليه ما أزعجني من مأساة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فقال لي: (انهم تركوا العمل بكتاب الله تعالى، ولو عملوا بأقصر سورة من القرآن سورة الإخلاص أعزهم الله سبحانه وتعالى، وأزال ذلهم) فاستيظقت وتفكرت في هذه السورة المباركة فوضح لي: أن فيها ثلث صفات من صفات الله الربانية، فلو تخلق المسلمون بها وصاروا مصاديق لها في الواقع؛ لزال ذلهم ورجع عزهم إليهم، فمن هذه الصفات: أولا: الله أحد: توحيد الله تبارك وتعالى، فلو اتحد المسلمون على خليفة واحدة وصار الملوك والرؤساء في الدول الإسلامية كالنواب له، أو على الأقل لو اجتمعوا على كلمة واحدة، وفكرة واحدة، ومقاومة واحدة ضد أعدائهم، لما أمكن لأعدائهم أن يسيطروا عليهم وعلى ثرواتهم، وأراضيهم أپدا. وينبغي لذلك أن يتركوا الخلافات في مابينهم أولا، ويحترموا الأسلاف، والرعيل الأول من امتنا الحبيبة؛ وهم أصحاب الرسول الكريم، ويقتدون بهم في التفاني في العقيدة، والجهاد، والتضحية في سبيله، والدفاع عن وجه الاسلام الباسم، ولا يذكرهم إلا بخير ورضاً من الله تبارك وتعالى حسب تعاليم الإسلام النقية ويدعو المسائل الفرعية في نطاقها الواسع المباح لأهلها. ثانياً: الصمد فالصمد من لا يحتاج في شيء ما إلى شيء، والمستغني عن الغير بكل معنى الكلمة، كذلك لو استغنى المسلمون بصناعاتهم وآلآتهم وقواتهم عن الغرب والشرق، وقاموا بكل ذلك في بلادهم واستقلوا في قوانينهم، وأخلاقهم، ولغاتهم، وتركوا تقليدهم الأعمى في ذلك؛ لصاروا أعزاء بعد كونهم أذلاء، وهم اليوم يستوردون كل شيء من الغير ويفتخرون به حتى اللغة والقوانين الوضعية والأخلاق والملابس النسائية، والرجالية، وفي المأكل والمشرب، بل يقتدون في البول وقضاء الحاجة الإنسان قياماً، ويعتزون به. فالأعداء ينظرون إلينا نظر الإنسان إلى القردة في التقليد الأعمى ويحقروننا لذلك. فلو رجعنا إلى تاريخنا المجيد، وقمنا بالصناعات والأخذ بالأسباب الضرورية لذلك، وافتخرنا بما لدينا من الثروة في الإيمان والأخلاق واللغة والقوانين وما إلى ذلك، وتركنا التشبه بهم؛ لصرنا أعزاء إن شاء الله تعالى. ثالثاً: ومن صفات الله تعالى في هذه السورة أنه لا علاقة له بأحد من المخلوقين علاقة النسب والولاد والإقليم فهو لا ولد له ولا والد ولا كفو أپداً. فلو ترك المسلمون اليوم التعصب للقومية، والهتافات الجاهلية، والفخر والخيلاء باللغة، وجعلوا ملاك الرجحان والأفضلية على أساس عقيدة الاسلام والاخوة الإيمانية، مصداقاً لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا للأحمر على الاسود إلا بالتقوى، وكلكم من آدم وآدم من تراب) وتأسيا بتعاليم القرآن الكريم : (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الآية. ونحزن لكل مسلم في أي بلد ودولة ومنطقة كان، لحزنه، ونفرح بفرحه؛ لما أصابتنا هذه الآلام، والفواجع التي نواجهها اليوم في مشارق الأرض، ومغاربها. وأخيراً ندعو للمسلمين بالتوحيد الكامل في العقيدة، والعمل، والمقاومة ضد أعدائهم، إنه القادر على ذلك وهو الموفق والمعين. -------------------------------------------------------------------------------- [1]– عضو شوراى نظرياتي - پاكستان.