منه الأُمة الإسلامية من إحباط وفشل يشهد عليه واقع الحال باستثناءات محدودة، وتأتي قدرة القلة من حملة الدعوة الإسلامية على التصدي للبغي وفضح النقائض لتكون دليلاً وشاهداً على قدرة هذا الدين على عدم التسليم للواقع الذي يعاني من الظلم والفقر والتفكك مما أوصل المسلمين إلى هذا الحال من الوهن الذي يترجم حالهم ترجمة صريحة واضحة. فالمسلمون اليوم أشلاء ممزقة وأرض الإسلام بما فيها من خيرات مستباحة لأعدائها ومحرمة على أهلها، وقد جاء ذلك جزاءً وفاقاً لهذا التردي الذي وصلت إليه أحوال المسلمين من اختلاف التصور والمناجزة التي أفقدتهم القدرة على التحرك القادر على لم الشمل وحشد القوة وتوجيهها الوجهة التي يريدها لهم القرآن الكريم. وإن كان الزمن على امتداده وكثرة تناقضاته لم يخل من شاهد على الواقع لتتأكد حقيقة هذا الدين الذي هو دين البشرية كلها و وسيلة الهداية الوحيدة للمسلمين وللناس كافة (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون. إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون)سورة الأنبياء، الآيات 104 ـ 108. فقد أثبتت الاحداث على امتداد التاريخ بروز شخصيات قادرة على وعي حقائق الإسلام والالتزام بها ودفع تكاليفها وإن كان المقام هنا لا يساعدنا على استعراض الشخصيات التي وعت حقائق الإسلام والتزمت بقيمه ودفعت ثمن ذلك دماً طهوراً شكّل إضاءة مستمرة لهذه الحقيقة وقد كان الشهيد الصدر من أبرز الفرسان الذين خاضوا معركة الإسلام فكراً وسلوكاً وقدّم فداء ذلك استعلاء على الدنيا بكل ما فيها من بهارج وآثر ببساطة متواضعة لله.