وإنّ مجاملة كهذه التي تحيي الرجل وتغضّ من قدر أبيه لهي أضعف مجاملة بين متلاقيين، فضلاً عن خصمين متنافسين قد آل بهما التنافس بعد أجيال إلى مفترق الطريق. زواج الحسين وكأنّما كانت هذه المنافسة المؤصّلة الجذور لا تكفي قصاص التاريخ، فأضاف إليها أُناس من ثقاتهم قصّة منافسة أُخرى هي وحدها كافية للنفرة بين قلبين متآلفين، وهي: قصّة زواج الحسين (رضي الله عنه) بزينب([168]) بنت إسحاق التي كان يهواها يزيد هوىً أدنفه([169]) وأعياه. وكانت زينب هذه ـ على ما قيل ـ أشهر فتيات زمانها بالجمال، وكانت زوجة لعبد الله بن سلام القرشي والي العراق من قبل معاوية. فمرض يزيد بحبّها، وأخفى سرّه عن أهله، حتّى استخرجه منه بعض خصيان القصر([170]) الذين يعينونه على شهواته. فلمّا علم أبوه سرّ مرضه أرسل في طلب عبد الله بن سلام، واستدعى إليه أبا هريرة([171]) وأبا الدرداء([172])، فقال لهما: إنّ له ابنة يريد زواجها، ولم