لأفضل المزايا الهاشميّة، ولم يكن يزيد بن معاوية نموذجاً لأفضل المزايا الأُمويّة، بل كان فيه الكثير من عيوب أُسرته ولم يكن له من مناقبها المحمودة إلاّ القليل. وليس بنا هنا أن نفصّل القول في أحوال كلٍّ من الرجلين وخصائص كلٍّ من النموذجين، ولكنّنا نجتزئ منهما بما يملأ الكفّتين في هذا الميزان، وهو ميزان الأريحيّة والنفعيّة في حادث كبير من حوادث التأريخ العربي يندر نظيره في جميع التواريخ. مكانة الحسين وإذا كانت المعركة كلّها هي معركة الأريحيّة والنفعيّة، فالمزية الأُولى التي ينبغي توكيدها هنا للحسين بن علي (رضي الله عنه) هي مزية نسبه الشريف ومكانه من محبّة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم). إنّ المؤرّخ الذي يكتب هذا الحادث قد يكون عربيّاً مسلماً أو يكون من غير العرب والمسلمين، وقد يؤمن بمحمّد أو ينكر محمّداً وغيره من الأنبياء.. ولكنّه يخطئ دلالة الحوادث التأريخيّة إذا استخفّ بهذه المزية التي قلنا: إنّها أحقّ مزايا الحسين بالتوكيد في الصراع بينه وبين يزيد. فليس المهمّ أن يؤمن المؤرّخون بقيمة ذلك النسب الشريف في نفوسهم أو قيمته في علوم العلماء وأفكار المفكّرين، ولكنّما المهمّ أنّ أتباع يزيد كانوا يؤمنون بحقّ ذلك النسب الشريف في الرعاية والمحبّة، وأنّهم ـ مع هذا ـ غلبتهم منافعهم على شعورهم، فكانوا من حزب يزيد ولم يكونوا من حزب الحسين.