أحبّهما وأبذل كلّ مالي *** وليس لعاتب عندي عتاب([220]) وهما ـ سواء صحّت نسبتهما إليه أو لم تصح ـ معبّران عن خلقه في بيته وبين أهله، فقد كان من أشدّ الآباء حدباً على الأبناء وأشدّ الأزواج عطفاً على النساء. ومن وفاء زوجاته بعد مماته: أنّ الرباب([221]) هذه التي ذكرت في البيتين السابقين خطبها أشراف قريش بعد مقتله، فقالت: « ما كنت لأتّخذ حمّاً بعد رسول الله »، وبقيت سنة لا يظلّها سقف حتّى فنيت وماتت، وهي لا تفتر عن بكائه والحزن عليه([222]). خلق كريم وقد سنّ الحسين لمن بعده سنّة في آداب الأُسرة تليق بالبيت الذي نشأ فيه ووكل إليه أن يرعى له حقّه ويوجب على الناس مهابته وتوقيره، فهو ـ على فضله وذكائه وشجاعته ورجحانه على أخيه الحسن في مناقب كثيرة ومآثر عدّة([223]) ـ كان يستمع إلى رأي الحسن ولا يسوءه بالمراجعة أو