ما ذاق مسلم([345]). ولم ير الحسين ـ بعد ذلك ـ أن يصحب معه أحداً إلاّ على بصيرة من أمره وما هو لاقيه إن تقدّم ولم ينصرف لشأنه، فخطب الرهط الذين صحبوه، وقال لهم: « قد خذلنا شيعتنا.. فمن أحبّ منكم أن ينصرف فلينصرف، ليس عليه منّا ذمام ».. فتفرّقوا إلاّ أهل بيته وقليلاً ممّن تبعوه في الطريق([346]). الحسين والحرّ بن يزيد والتقى الركب عند جبل ذي حسم بطلائع جيش عبيد الله يقودها الحرّ بن يزيد التميمي اليربوعي في ألف فارس، أُمروا بأن لا يدعوا الحسين حتّى يقدموا به على عبيد الله في الكوفة. فأمر الحسين مؤذّنه بالآذان لصلاة الظهر، وخطب أصحابه وأصحاب الحرّ بن يزيد، فقال: ـ « أيّها الناس، إنّي لم آتكم حتّى أتتني كتبكم ورسلكم أن أقدم علينا فليس لنا إمام، لعلّ الله يجمعنا بك على الهدى والحقّ. فقد جئتكم، فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا أو كنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه ».