شمر بن ذي الجوشن وشمر بن ذي الجوشن الأبرص الكريه الذي يمضّه من الحسين ما يمضّ كلّ لئيم مشنوء من كلّ كريم محبوب وسيم. وكان كلاهما يفهم لؤم صاحبه ويعطيه فيه حقّه وعذره، فهما في هذه الخلّة متناصحان متفاهمان ! ولم يكن أيسر من حلّ قضيّة الحسين على وجه يرضي يزيد ويمهّد له الولاء في قلوب المسلمين ولو إلى حين.. لولا ذلك الضغن الممتزج بالخليقة الذي هو كسكر المخمور لا موضع معه لرأي مصيب، ولا لتفكير في عاقبة بعيدة أو قريبة. فالحسين في أيديهم ليس أيسر عليهم من اعتقاله وإبقائه بأعينهم في مكان ينال فيه الكرامة ولا يتحفّز لثورة. لكنّهما لم يفكّرا في أيسر شيء ولا أنفع شيء للدولة التي يخدمانها، وإنّما فكّرا في النسب المغموز والصورة الممسوخة، فلم يكن لهما من همّ غير إرغام الحسين وإشهاد الدنيا كلّها على إرغامه. تلقّى ابن زياد من عمر بن سعد كتاباً يقول فيه: « إنّ الحسين أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي أقبل منه أو أن نسيّره إلى أيّ ثغر من الثغور شئنا، أو أن يأتي يزيد فيضع يده في يده »([358]).