هل أصاب ؟ خطأ الشهداء خروج الحسين من مكّة إلى العراق حركة لا يسهل الحكم عليها بمقياس الحوادث اليوميّة ; لأنّها حركة من أندر حركات التأريخ في باب الدعوة الدينيّة أو الدعوة السياسيّة.. لا تتكرر كلّ يوم، ولا يقوم بها كلّ رجل، ولا يأتي الخطأ فيها ـ إن أصابت ـ من نحو واحد ينحصر القول فيه، ولا يأتي الخطأ فيها ـ إن أخطأت ـ من سبب واحد يمتنع الاختلاف عليه. وقد يكون العرف فيها بين أصوب الصواب وأخطأ الخطأ فرقاً صغيراً من فعل المصادفة والتوفيق، فهو خليق أن يذهب إلى النقيضين. هي حركة لا يأتي بها إلاّ رجال خلقوا لأمثالها، فلا تخطر لغيرهم على بال ; لأنّها تعلو على حكم الواقع القريب الذي يتوّخاه في مقاصده سالك الطريق اللاحب والدرب المطروق. هي حركة فذّة يقدم عليها رجال أفذاذ، من اللغو أن ندينهم بما يعمله رجال من غير هذا المعدن وعلى غير هذه الوتيرة ; لأنّهم يحسّون ويفهمون ويطلبون غير الذي يحسّه ويفهمه ويطلبه أُولئك الرجال.