ناديت سكّان القبور فاسكتوا *** فأجابني عن صمتهم ترب الجثا قالت: أتدري ما صنعت بساكني *** مزّقت لحمهم وخرقت الكسا وحشيت أعينهم تراباً بعد ما *** كانت تأذى بالقليل من القذا أمّا العظام فإنّني مزّقتها *** حتّى تباينت المفاصل والشوى قطعت ذا من ذا ومن هذا كذا *** فتركتها ممّا يطول بها البلى([28]) خطبه كان الحسين (عليه السلام) من رجال الفصاحة وفرسانها وحماة البلاغة وشجعانها، عليه تهدّلت أغصانها ومنه تشعّبت أفنانها، يفوح أرج النبوّة من كلامه ويعبق نشر الرسالة من نثره ونظمه. ومن خطبه (عليه السلام) أنّه قال: « يا أيّها الناس، نافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجّلوه، واكسبوا الحمد بالنجح، ولا تكسبوا بالمطل ذمّاً، فمهما يكن لأحد عند أحد صنيعة له رأى أنّه لا يقوم بشكرها فالله له بمكافأته ضمين، فإنّه أجزل عطاءً وأعظم صبراً، واعلموا أنّ حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملّوا النعم فتحور نقماً، واعلموا أنّ المعروف مكسب حمداً ومعقب أجراً، فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسناً جميلا يسرّ الناظرين، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجاً مشوّهاً تنفر منه القلوب وتغضّ