والحوادث التي تلت حركة الحسين إلى ختام عهد يزيد أدلّ ممّا تقدّم على اضطراب عهده وقلّة ضمانه ; لأنّ الأحداث والنذر لم تزل تتوالى بقيّة حياته وبعد موته بسنين. ونحن اليوم نعلم من التأريخ كيف انتهت هذه الحوادث والنذر في عهد يزيد أو بعد عهده، فيخيّل إلينا أنّ عواقبها لم تكن تحتمل الشكّ ولم يكن بها من خفاء. ولكن الذين استقبلوها كانوا خلقاء ألاّ يروا فيها طوالع ملك تعنو له الرؤوس([365]) ويرجى له طول البقاء. بواعث الخروج نعم، كانت هناك ندحة([366]) عن الخروج لو كان يزيد في الخلافة رضى المسلمين من العقل والخلق وسلامة التدبير وعزّة الموئل([367]) والدولة، وكان المسلمون قد توافوا على اختياره لحبّهم إياه وتعظيمهم لعقله وخلقه واطمئنانهم إلى سياسته واعتمادهم على صلاحه وإصلاحه. ولكنّه على نقيض ذلك، كان ـ كما علمنا ـ رجلاً هازلاً في أحوج الدول إلى الجدّ، لا يرجى له صلاح ولا يرجى منه إصلاح. وكان اختياره لولاية العهد مساومة مكشوفة قبض كلّ مساهم فيها ثمن رضاه ومعونته جهرة وعلانية من المال أو الولاية أو المصانعة، ولو قبضوا مثل هذا الثمن