يطلبون به ما هو أعزّ على المؤمن من النفس والولد والمال، فليس من المروءة أن يندبهم لأمر ولا يكون قدوة لهم فيه. وكان على الحسين وقد أزمع([381]) الخروج أن يجمع له أقوى حجّة في يديه، ويجمع على خصومه أقوى حجّة تنقلب عليهم إذا غلبوه وأخفق في مسعاته.. فيكون أقوى ما يكون وهو منتصر، ويكونون أبغض ما يكونون وهو مخذول. والمسلم الذي ينصر الحسين لنسبه الشريف أولى أن ينصره غاية نصره وهو بين أهله وعشيرته، وإلاّ فما هو بناصره على الإطلاق، وتنقلب الآية في حالة الخذلان، فينال المنتصر من البغضاء والنقمة على قدر انتصاره الذي يوشك أن ينقلب عليه. صواب الشهداء وجملة ما يقال: إنّ خروج الحسين من الحجاز إلى العراق كان حركة قوّية لها بواعثها النفسيّة التي تنهض بمثله ولا يسهل عليه أن يكبتها أو يحيد بها عن مجراها. وإنّها قد وصلت إلى نتائجها الفعّالة من حيث هي قضيّة عامّة تتجاوز الأفراد إلى الأعقاب والأجيال، سواء أكانت هذه القضيّة نصرة لآل الحسين أم حرباً لبني أُميّة. إنّما يبدو الخطأ في هذه الحركة حين ننظر إليها من زاوية واحدة ضيّقة