المشركين وفي أيديهم السلاح والعتاد ومن ورائهم المعاقل والأزواد.. بعد العهد الذي تغيّر فيه الناس، وخيّل إلى من كان يعهدهم على غير تلك الحال أنّهم متغيّرون. الناس عبيد الدنيا فكيف ينخذل الحسين وينتصر يزيد في عالم شهد النبوّة وشهد الخلافة على سنّة الراشدين ؟ إنّ كلمة واحدة قالها الحسين في ساعة يأسه تشفّ عن مبلغ يقينه بوجوب الحقّ وعجبه من أن يكون الأمر غير ما وجب، وذلك حيث قال: « الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت به معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قلّ الديّانون »([384]). إنّ الطبائع الأرضيّة لا تنخدع في صلاح الناس ولا تجب هذا العجب ; لأنّها لا تخرج من نطاقها المحدود ولا تصدّق ما وراءه من الآمال والوعود. إنّها لا تضلّ عن طريق المنفعة ; لأنّها لا تعرف غيرها من طريق. إنّها تؤثر القنديل الخافت في يدها على الكوكب اللامع في السماء، لا لأنّها لا ترى الكوكب اللامع في السماء، بل لأنّها ترى القنديل والكوكب، فتعلم أنّ هذا قريب وأنّ ذاك جدّ بعيد. إنّها لا تنخدع بالسراب ; لأنّها لا تخرج من عقر دارها ولا تشعر