أشرف ما يشرّف به أبناء آدم ; لأنّها في الجانب الآخر منها أخزى ما يخزى به مخلوق من المخلوقات. وحسبك من تقويم الأخلاق في تلك النفوس أنّه ما من أحد قُتل في كربلاء إلاّ كان في وسعه أن يتجنّب القتل بكلمة أو بخطوة، ولكنّهم جميعاً آثروا الموت عطاشاً جياعاً مناضلين على أن يقولوا تلك الكلمة أو يخطوا تلك الخطوة ; لأنّهم آثروا جمال الأخلاق على متاع الحياة. أو حسبك من تقويم الأخلاق في نفس قائدها وقدوتها أنّهم رأوه بينهم فافتدوه بأنفسهم، ولن يبتعث المرء روح الاستشهاد فيمن يلازمه إلاّ أن يكون هو أهلاً للاستشهاد في سبيله وسبيل دعوته وأن يكون في سليقة الشهيد الذي يأتمّ به الشهداء. نموت معك أقبل الفتى الصغير علي بن الحسين([387]) على أبيه ـ وقد علم أنّهم مخيّرون بين الموت والتسليم ـ فسأله: ـ « ألسنا على الحقّ ؟ ». قال الوالد المنجب النجيب: ـ « بلى، والذي يرجع إليه العباد ». فقال الفتى: