حتّى كسرتا، ثمّ أسروه والدم يسيل من وجهه ويديه، فحسبوه يلين للوعيد ويجزع من التمثيل به، فأسمعهم ما يكرهون وراح يستزيد غيظهم، ويقول لهم: ـ « لقد قتلت منكم اثني عشر رجلا سوى من جرحت، ولو بقيت لي عضد وساعد لزدت ! »([437]). مصرع الحسين واستهدف الحسين (رضي الله عنه) لأقواس القوم وسيوفهم، فجعل أنصاره يحمونه بأنفسهم ولا يقاتلون إلاّ بين يديه. وكلّما سقط منهم صريع أسرع إلى مكانه من يخلفه ليلقى حتفه على أثره. فضاقت الفئة الكثيرة بالفئة القليلة، وسوّل لهم الضيق بما يعانون من ثباتها أن يقوّضوا الأخبية التي آوى إليها النساء والأطفال ; ليحيطوا بالعسكر القليل من جميع جهاته. ثمّ أخذوا في إحراقها، وأصحاب الحسين يصدّونهم ويدافعونهم، فرأى (رضي الله عنه) أنّ اشتغال أصحابه بمنعهم يصرفهم عن الاشتغال بقتالهم، فقال لهم: ـ « دعوهم يحرقونها.. فإنّهم إذا أحرقوها لا يستطيعون أن يجوزوا إليكم منها »([438]). وظلّ على حضور ذهنه وثبات جأشه في تلك المحنة المتراكبة التي