وحادث واحد من حوادث التمثيل والاستباحة يدلّ على سائر الحوادث من أمثاله. دخل رجل من جند مسلم بن عقبة على امرأة نفساء من نساء الأنصار ومعها صبي لها، فقال: « هل من مال ؟ »، قالت: « لا.. والله ما تركوا لنا شيئاً ». قال: « والله لتخرجنّ إليَّ شيئاً أو لأقتلنّك وصبيّك هذا ». فقالت له: « ويحك.. إنّه ولد ابن أبي كبشة الأنصاري صاحب رسول الله ». فأخذ برجل الصبي والثدي في فمه، فجذبه من حجرها، فضرب به الحائط، فانتثر دماغه على الأرض([519]). وهو مثل من أمثال قد تكرّرت بعدد تلك البيوت التي قتل فيها أُولئك الأُلوف من النسوة والأطفال والآباء والأُمّهات. وقد مات هذا السفّاح وهو في طريقه إلى مكّة يهمّ بأن يعيد بها ما بدأ بالمدينة، فدفن في الطريق، وتعقّبه بعض الموتورين من أهل المدينة، فنبشوا قبره وأحرقوه([520]). جريرة العدل ولم تنقض سنوات أربع على يوم كربلاء حتّى كان يزيد قد قضى نحبه، ونجمت بالكوفة جريرة العدل التي حاقت بكلّ من مدّ يداً إلى