ولكن يزيد ذهب إلى سبيله وعوقب أنصاره في الحياة والحطام والسمعة بعده بشهور، ثمّ تقوّضت دولته ودولة خلفائه في عمر رجل واحد لم يجاوز الستّين. وانهزم الحسين في كربلاء وأُصيب هو وذووه من بعده، ولكنّه ترك الدعوة التي قام بها ملك العبّاسيين والفاطميين، وتعلّل بها أُناس من الأيّوبيين والعثمانيين، واستظلّ بها الملوك والأُمراء بين العرب والفرس والهنود، ومثل للناس في حلّة من النور تخشع لها الأبصار، وباء بالفخر الذي لا فخر مثله في تواريخ بني الإنسان غير مستثنى منهم عربي ولا أعجمي وقديم ولا حديث. أبو الشهداء فليس في العالم أُسرة أنجبت من الشهداء من أنجبتهم أُسرة الحسين عدّة وقدرة وذكرة.. وحسبه أنّه وحده في تأريخ هذه الدنيا الشهيد ابن الشهيد أبو الشهداء في مئات السنين. وأيسر شيء على الضعفاء الهازلين أن يذكروا هنا طلب الملك ليغمزوا به شهادة الحسين وذويه([531]). فهؤلاء واهمون ضالّون مغرقون في الوهم والضلال ; لأنّ طلب الملك لا يمنع الشهادة، وقد يطلب الرجل الملك شهيداً قدّيساً ويطلبه وهو مجرم بريء من القداسة.